للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

الحكم في اشتراك الجماعة في قتل الواحد ومثله القيام في الصلاة مثلا مع المرض وسائر الرخص الهادمة لعزائم الأوامر والنواهي إعمالا لقاعدة الحاجيات في الضروريات ومثل ذلك المستثنيات من القواعد المانعة كالعرايا والقراض والمساقاة والسلم والقرض وأشباه ذلك فلو اعتبرنا الضروريات كلها لأخل ذلك بالحاجيات أو بالضروريات أيضًا فأما إذا اعتبرنا في كل رتبة جزئياتها كان ذلك محافظة على تلك الرتبة وعلى غيرها من الكليات فإن تلك المراتب الثلاث يخدم بعضها بعضا ويخصص بعضها بعضا فإذا كان كذلك فلا بد من اعتبار الكل في مواردها وبحسب أحوالها.

وأيضا فقد يعتبر الشارع من ذلك ما لا تدركه العقول إلا بالنص عليه وهو أكثر ما دلت عليه الشريعة في الجزئيات لأن العقلاء في الفترات قد كانوا يحافظون على تلك الأشياء بمقتضى أنظار عقولهم لكن على وجه لم يهتدوا به إلى العدل في الخلق والمناصفة بينهم بل كان مع ذلك الهرج واقعا والمصلحة تفوت مصلحة أخرى وتهدم قاعدة أخرى أو قواعد فجاء الشرع باعتبار المصلحة.

والنّصفة المطلقة في كل حين، وبيّن من المصالح ما يطرد وما يعارضه وجه آخر من المصلحة كما في استثناء العرايا ونحوه فلو أعرض عن الجزئيات بإطلاق لدخلت مفاسد، ولفاتت مصالح، وهو مناقض لمقصود الشارع. ولأنه من جملة المحافظة على الكليات؛ لأنها يخدم بعضها بعضا، وقلما تخلو جزئية من اعتبار القواعد الثلاث فيها. وقد علم أن بعضها قد يعارض بعضا فيقدم الأهم حسبما هو مبين في كتاب الترجيح. والنصوص والأقيسة المعتبرة تتضمن هذا على الكمال (١).

ثم إن تلقي العلم بالكلي إنما هو من عرض الجزئيات واستقرائها، فالكلي من حيث هو كلي غير معلوم لنا قبل العلم بالجزئيات. ولأنه ليس بموجود في الخارج، وإنما هو مضمن في الجزئيات حسبما تقرر في المعقولات.

فإذا الوقوف مع الكلي مع الإعراض عن الجزئي وقوف مع شيء لم يتقرر العلم به بعد دون العلم بالجزئي، والجزئي هو مظهر العلم به. وأيضا فإن الجزئي لم يوضع جزئيا إلا


(١) الموفقات ٣/ ٧ - ٨ - ٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>