للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

لكون الكلي فيه على التمام وبه قوامه فالإعراض عن الجزئي من حيث هو جزئي.

إعراض عن الكلي نفسه في الحقيقة وذلك تناقض. ولأن الإعراض عن الجزئي جملة يؤدي إلى الشك في الكلي من جهة أن الإعراض عنه إنما يكون عند مخالفته للكلي أو توهم المخالفة له، وإذا خالف الكلي الجزئي - مع أنا إنما نأخذه من الجزئي - دل على أن ذلك الكلي لم يتحقق العلم به. لإمكان أن يتضمن ذلك الجزئي جزءا من الكلي لم يأخذه المعتبر جزءا منه. وإذا أمكن هذا لم يكن بد من الرجوع إلى الجزئي في معرفة الكلي، ودل ذلك على أن الكلي لا يعتبر بإطلاقه دون اعتبار الجزئي. وهذا كله يؤكد لك أن المطلوب المحافظة على قصد الشارع؛ لأن الكلي إنما ترجع حقيقته إلى ذلك والجزئي كذلك أيضًا، فلا بد من اعتبارهما معا في كل مسألة (١).

وكذلك شأن الاستدلال بالأدلة الخاصة على أحكام الجزئيات من غير اعتبار واستحضار للكليات التي تنطوي تحتها تلك الجزئيات فإنه عمل موسوم بالخطإ، والنقض لأن جريان الحكم على الجزئية في سداد إنما يعلم بالعرض على كليها، فإن استقام أمرها تحته فحكمها على الأصل وهو تحقيق المقصد الشرعي منه ماض وإن لم يستقم لاعتبار شرعي فإنه لا بد من تحقيق ذلك بوجه ما أو ينتقل حكم تلك الجزئية ليسحب عليه حكم كلي آخر.

إذ ما من جزئي إلا وهو مستمد من كليه والكلي الأعلى في الشريعة هو المقاصد الثلاثة ثم إن النصوص الشرعية والقواعد، وهي تؤخذ منها أحكام الجزئيات وإن كانت مأخوذة من هذه النصوص والقواعد فإنها يجب أن تعتبر بتلك الكليات العليا، إذ هي التي تستمد منها ما في تلك النصوص والقواعد من أحكام، فجريان حكمها ومقتضاها فيه أمر لازم وذلك شأن الجزئيات التي يحكم عليها، إذ ما يستمد النوع من الجنس الذي فوقه يجب أن تكون في إفراده، وأن يكون مستمدا من تلك الكلية الأصلية.

وقد تقدم أن ذكر ذلك في قوله:

وجملة الفروع باستغراق … مسنده لها على الإطلاق


(١) الموافقات ٣/ ٥ - ٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>