للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

١٨٢٨ - وَضَرْبُهُ الآخِرُ ذُو وُجُودِ … فِي غَايَتَيْ مَذْمُومٍ أَوْ مَحْمُودِ

١٨٢٩ - مُنَبِّهًا عَلَى مَجَالِ لِلنَّظَرْ … فِي رُتَبٍ قُرْبًا وَبُعْدًا تُعْتَبَرْ

١٨٣٠ - لِلْغَايَتَيْنِ كَي يُرَى مَنْ نَظَرَا … مُوَازِنًا أَوْصَافَهُ مُسْتَبْصِرًا

١٨٣١ - يَسْتَحْضِرُ الْخَوْفَ مِنَ الْمَعْبُودِ … بِحَسَبِ الْبُعْدِ مِنَ الْمَحْمُودِ

ذلك بحسب المناطات - متعلقات الأحكام - ألا ترى أن إحسان العبادات بتمام أركانها من باب الواجب وإحسانها بتمام آدابها من باب المندوب ومنه إحسان القتلة كما نبه عليه الحديث وإحسان الذبح إنما هو مندوب لا واجب وقد يكون في الذبح من باب الواجب إذا كان هذا الإحسان راجعا إلى تتميم الأركان والشروط وكذلك العدل في عدم المشي بنعل واحدة ليس كالعدل في أحكام الدماء والأموال وغيرها فلا يصح إذا إطلاق القول في قوله تعالى: {إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسَانِ} [النحل: ٩٠] إنه أمر إيجاب أو أمر ندب حتى يفصل الأمر فيه وذلك راجع إلى نظر المجتهد تارة وإلى نظر المكلف وإن كان مقلدا تارة أخرى بحسب ظهور المعنى وخفائه (١). هذا هو الضرب الأول من الخطاب الشرعي الذي يرد فيه ما ذكر من الأوامر والنواهي.

"و" أما "ضرب الآخر" فإنه الذي يرد وهو "ذو وجود" وثبوت "في غايتي" - تثنية غاية - أي نهايتي منهي عنه "مذموم" و يدل على ذلك اقتران الوعيد به "أو "مأمور به "محمود" ممدوح، ويدل على ذلك قرن الوعد به في الغالب، وفي هذا يجري ما يرد من الأوصاف في مدح المؤمنين، والأوصاف التي ترد في ذم الكافرين فكان القرآن آتيا بتلك الغايات تنصيصا عليها من حيث كان حال المخاطبين بذلك وزمان الخطاب يقتضي ذلك و "منبها على" ما هو "مجال" وموطن "للنظر" والبحت مما لم ينص عليه، لكنه واقع "في رتب" - جمع رتبة - أي درجات مختلفة "قربا وبعدا" من الطرفين المنصوص على حكميهما بأقصى الجزاء "كي يرى" ويوجد "من نظرا " - الألف للإطلاق - بعقله "موازنا" يعني وازنا "أوصافه" القائمة به بذلك "مستبصرا" في شأنه ليكون عالما بما هو عليه من خير أو شر، وبذلك "يستحضر" في قلبه "الخوف من "نقمة وغضب "المعبود" سبحانه - وتعالى - "بحسب البعد" الذي أدرك أنه حاصل له "من" الإتصاف بالوصف "المحمود" الممدوح شرعا.


(١) الموافقات ٣/ ١١٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>