والأصنام - وقيل للنبي - صلى الله عليه وسلم - إنه تطلى به السفن ويستصبح به الناس.
"فأورد ما دل على منع البيع ولم يعذرهم بحاجتهم إليه في بعض الأوقات لأن المقصود وهو الأكل محرم وقال: لعن الله اليهود حرمت عليهم الشحوم فجملوها فباعوها وأكلوا أثمانها وقال في الخمر: إن الذي حرم شربها حرم بيعها وإن الله إذا حرم شيئا حرم ثمنه لأجل أن المقصود من المحرم في العادة هو الذي توجه إليه التحريم وما سواه تبع لا حكم له ولأجل ذلك أجازوا نكاح الرجل ليبر يمينه إذا حلف أن يتزوج على امرأته ولم يكن قصده البقاء لأن هذا من توابع النكاح التي ليست بمقصودة في أصل النكاح ولا تعتبر في أنفسها وإنما تعتبر من حيث هي توابع ولو كانت التوابع مقصودة شرعا حتى يتوجه عليها مقتضاها من الطلب لم يجز كثير من العقود للجهالة بتلك المنافع المقصودة بل لم يجز النكاح لأن الرجل إذا نكح لزمه القيام على زوجته بالإنفاق وسائر ما تحتاج إليه زيادة إلى بذل الصداق وذلك كله كالعوض من الانتفاع بالبضع وهذا ثمن مجهول فالمنافع التابعة للرقبة المعقود عليها أو للمنافع التي هي سابقة في المقاصد العادية هي المعتبرة وما سواها مما هو تبع لا ينبني عليه حكم إلا أن يقصد قصدا فيكون فيه نظر والظاهر أن لا حكم له في ظاهر الشرع لعموم ما تقدم من الأدلة ولخصوص الحديث في سؤالهم عن شحم الميتة وأنه مما يقصد لطلاء السفن وللاستصباح وكلا الأمرين مما يصح الانتفاع بالشحم فيه على الجملة ولكن هذا القصد الخاص لا يعارض القصد العام فإن صار التابع غالبا في القصد وسابقا في عرف بعض الأزمنة حتى يعود ما كان بالأصالة كالمعدوم المطرح فحينئذ ينقلب الحكم وما أظن هذا يتفق هكذا بإطلاق ولكن أن فرض اتفاقه انقلب الحكم والقاعدة مع ذلك ثابتة كما وضعت في الشرع وإن لم يتفق ولكن القصد إلى التابع كثير فالأصل اعتبار ما يقصد مثله عرفا والمسألة مختلف فيها على الجملة اعتبارا بالاحتمالين وقاعدة الذرائع أيضا مبنية على سبق القصد إلى الممنوع وكثرة ذلك في ضم العقدين ومن لا يراها بني على أصل القصد في انفكاك العقدين عرفا وأن القصد الأصلي خلاف ذلك"(١).