للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

٢٠٨٥ - وَالْحَاصِلُ الأَفْعَالُ فِي التّأَسِّي … أَقْوَى وَأَدْعَى لِبَيَانِ الْحِسِّي

٢٠٨٦ - لِذَا اعْتِبَارُ شَأْنِهَا تَأَكَّدَا … لِمَنْ يَقُومُ فِي مَقَامِ الاقْتِدَا

٢٠٨٧ - وَكُلُّ مَا يَقُولُ أَوْ مَا يَفْعَلُ … لَهُ اعْتِبَارَانِ إِذَا يُفَصَّلُ

ومثله عن سلمان أيضًا، وشبّه العلماء زلّة العالم بكسر السفينة، لأنّها إذا غرقت غرق معها خلق كثير، وعن ابن عباس: "ويل للأتباع من عثرات العالم. قيل: كيف ذلك؟ قال: يقول العالم شيئًا برأيه، ثم يجد من هو أعلم برسول الله - صلّى الله عليه وسلّم - منه، فيترك قوله ذلك، ثم يمضي الأتباع".

وهذه الأمور حقيق أن تهدم الدّين، أما زلّة العالم فكما تقدم، ومثال كسر السفينة واقع فيها، وأمّا الحكم الجائر فظاهر أيضًا، وأمّا الهوى المتبع، فهو أصل ذلك كلّه وأمّا الجدال بالقرآن، فإنّه من - اللَّسِن الأَلَدِّ - من أعظم الفتن لأنّ القرآن مهيب جدًّا، فإن جادل به منافق على باطل أحاله حقًّا، وصار مظنّة للاتباع على تأويل ذلك المجادل، ولذلك كان الخوارج فتنة على الأمة إلّا من ثبّتَ الله لأنّهم جادلوا به على مقتضى آرائهم الفاسدة، ووثقوا تأويلاتهم بموافقة العقل لها، فصاروا فتنة على النّاس، وكذلك الأئمة المضلون، لأنّهم - بما ملكوا من السلطنة على الخلق - قدروا على ردّ الحقّ باطلا والباطل حقًّا، وأماتوا سنّة الله وأحيوا سنن الشيطان، وأمّا الدّنيا فمعلوم فتنتها للخلق (١).

"والحاصل" أنّ "الأفعال في "شأن "التأسّي" والاقتداء "أقوى وأدعى" يعني أولى وأقرب "لبيان" الشّيء "الحسّي" إذا جامعت الأقوال من انفراد الأقوال، و"لذا" الأمر الاهتمامُ بها و"اعتبار شأنها" أمر واجب بل قد "تأكّدا" وجوبه "لـ" يعنى على كلّ "من يقوم في مقام"، ومحلّ "الاقتداء" والاتّباع، فيجب عليه أن يتفقّد جميع أقواله وأفعاله، ولا فرق في هذا بين ما هو واجب وما هو مندوب أو مباح أو مكروه، أو ممنوع، "و" ذلك لأنّ "كلّ ما يقولـ"ــه "أو ما يفعاـ"ــه "له اعتباران" وملحضان شرعيّان "إذا يفصّل" ذلك الذي يقوله أو يفعله - أي ينظر فيه على وجه التّفصيل والبيان الشّامل لحاله -.


(١) انظر الموافقات ٣/ ٢٦٦ - ٢٦٧ - ٢٦٨.

<<  <  ج: ص:  >  >>