للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

٢٠٨٣ - وَمِنْ هُنَا دُخُولُ الاسْتِعْظَامِ … لِزَلِّة الْعَالِمِ فِي الأَنَامِ

٢٠٨٤ - مِنْ حَيْثُ مَا مَنْصِبُهُ لِلاقْتِدَا … بِقَوْلهِ وَفِعْلِهِ وَالاهْتِدَا

كما في التّحلل من العمرة، والإفطار في السّفر، هذا وكلّ صحيح، فما ظنّك بمن ليس بمعصوم من العلماء؟ فهو أولى بأن يبيّن قوله بفعله، ويحافظ فيه على نفسه وعلى كلّ من اقتدى به.

ولا يقال: إنّ النّبي - صلّى الله عليه وسلّم - معصوم، فلا يتطرق إلى فعله أو تركه المبيّن خلل، بخلاف من ليس بمعصوم.

لأنّا نقول: إن اعتبر هذا الاحتمال في ترك الاقتداء بالفعل، فليعتبر في ترك اتباع القول، وإذ ذاك يقع في الرتبة فساد لا يصلح، وخرق لا يرقّع، فلا بدّ أن يجرى الفعل مجرى القول (١).

"ومن" هذا الذي تقرّر في هذا الشأن "هنا" يأتي "دخول" ووقوع "الاستعظام لزلّة" وخطيئة "العالم" حتّى تصير صغيرته كبيرة "في"نظر "الأنام" أي النّاس وفي قلوبهم، بل وفي الشّرع أيضا، وذلك "من حيث ما منصبه" ومقامه في العادة منصوب "للاقتداء بقوله وفعله، والاهتداء" بهما، فإذا زلّ حُمِلت زلّتُه عنه قولا كانت، أو فعلا لأنّه موضوع منارا يهتدى به، فإذا علم كون زلّته زلّة صغرت في أعين النّاس وجسر عليها النّاس تأسيّا به وتوهّموا فيها رخصة علم بها ولم يعلموها هم تحسينًا للظّن به، وإن جهل كونها زلّة فأحرى أن تحمل عنه محمل المشروع، وذلك كلّه راجع عليه.

وقد جاء في الحديث: "إنّي لأخاف على أمّتي من بعدي من أعمال ثلاثة". قالوا: وما هي يا رسول الله؟ قال: "أخاف عليهم من زلّة العالم، ومن حُكم جائر، ومن هوى متَّبَع" وقال عمر بن الخطاب: "ثلاث يهدمن الدّين: زلّة عالم، وجدال منافق بالقرآن، وأئمة مضلون" ونحوها عن أبي الدرداء ولم يذكر فيه الأئمة المضلين. وعن معاذ بن جبل: "يا معشر العرب، كيف تصنعون بثلاث: دنيا تقطع أعناقكم، وزلّة عالم، وجدال منافق بالقرآن؟ ".


(١) انظر الموافقات ٣/ ٢٦٥ - ٢٦٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>