للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

٢٢١٨ - وَهَذَا الإِقْتِرَانُ رُبَّمَا أَتَا … مَعَ فَاصِلٍ لِمَقْصِدٍ قَدْ ثَبَتَا

اسْتَغْنَى (٧)} [العَلق: ٦، ٧]، وقوله - سبحانه -: {إِنَّ الَّذِينَ يُؤْذُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ لَعَنَهُمُ اللَّهُ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَأَعَدَّ لَهُمْ عَذَابًا مُهِينًا (٥٧) وَالَّذِينَ يُؤْذُونَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ بِغَيْرِ مَا اكْتَسَبُوا فَقَدِ احْتَمَلُوا بُهْتَانًا وَإِثْمًا مُبِينًا (٥٨)} [الأحزَاب: ٥٧، ٥٨]- كذلك - جار على ما ذكر "و" كذلك "سورة الضحى" فإنها "لذاك" الوجه "محرزة" - بكسر الراء - أي متضمنة له، ولذلك خلت من ذلك الاقتران، وكذلك قوله - تعالى - {أَلَمْ نَشْرَحْ لَكَ صَدْرَكَ (١)} [الشَّرح: ١] فإنه غير ما نحن فيه، بل هو أمر من الله - تعالى - للنبي عليه الصلاة والسلام بالشكر لأجل ما أعطاه.

"و" ذلك إن "هذا الاقتران" والجمع بين هذين الأمرين الترغيب والترهيب، أو التخويف، والترجية - "ربما" وقع و"أتى" في النصوص الشرعية "مع" وجود "فاصل" وفارق بينهما في الكلام، وإنما يحصل ذلك الفصل بينهما "لـ" أجل "مقصد" شرعي "قد ثبتا" الألف للإطلاق. وحصل في ذلك المقام، وذلك كمثل إيراد البراهين والحجج لتقرير الأحكام والقضايا المذكورة في مساق ذلك النص، فقد قال الله - تعالى في سورة الأنعام - وهي في المكيات نظير سورة البقرة في المدنيات -: {الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ} [الأنعَام: ١] إلى قوله - سبحانه - {ثُمَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بِرَبِّهِمْ يَعْدِلُونَ} [الأنعَام: ١]، وذكر البراهين التامة، ثم أعقبها بكفرهم وتخويفهم بسببه، إلى أن قال: {كَتَبَ رَبُّكُمْ عَلَى نَفْسِهِ الرَّحْمَةَ} [الأنعَام: ٥٤] {لَيَجْمَعَنَّكُمْ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ لَا رَيْبَ فِيهِ} [النِّسَاء: ٨٧] فأقسم بكتب الرحمة على إنفاذ الوعيد على من خالف، وذلك يعطي التخويف تصريحا، والترجية ضمنا؛ ثم قال: {إِنِّي أَخَافُ إِنْ عَصَيْتُ رَبِّي عَذَابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ} [الأنعَام: ١٥] فهذا تخويف، وقال: {مَنْ يُصْرَفْ عَنْهُ يَوْمَئِذٍ فَقَدْ رَحِمَهُ} [الأنعَام: ١٦] الآية وهذا ترجية، وكذا قوله: {وَإِنْ يَمْسَسْكَ اللَّهُ بِضُرّ} [الأنعَام: ١٧] الآية ثم مضى في ذكر التخويف، حتى قال: {وَلَلدَّارُ الْآخِرَةُ خَيْرٌ لِلَّذِينَ يَتَّقُونَ} [الأنعَام: ٣٢]. ثم قال: {إِنَّمَا يَسْتَجِيبُ الَّذِينَ يَسْمَعُونَ} [الأنعَام: ٣٦] ونظيره قوله: {وَالَّذِينَ كَذَّبُوا بِآيَاتِنَا صُمٌّ وَبُكْمٌ فِي الظُّلُمَاتِ} [الأنعَام: ٣٩] الآية ثم ذكر ما يليق بالموطن إلى أن قال: {وَمَا نُرْسِلُ الْمُرْسَلِينَ إِلَّا مُبَشِّرِينَ وَمُنْذِرِينَ فَمَنْ آمَنَ وَأَصْلَحَ} [الأنعَام: ٤٨] الآية واجر في النظر على هذا الترتيب، يلح لك وجه الأصل المنبه عليه. ولولا الإطالة لبسط من ذلك كثير (١).


(١) الموافقات ٣/ ٢٦٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>