للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

٢٥١٧ - وَمِنْ هُنَا يُعْلَمُ أَنَّ الْحُكْمَا … بِذَاكَ لِلأمَّةِ لَنْ يَعُمَّا

رسول الله صلى الله عليه وسلم يخصنا وما يعمه يعمنا فإذا بنينا على ذلك فلكل من كان من أهل الكشف والاطلاع أن يحكم بمقتضى اطلاعة وكشفه ألا ترى إلى قضية أبي بكر الصديق مع بنته عائشة فيما نحلها إياه ثم مرض قبل أن تقبضه قال فيه وإنما هما أخواك وأختاك فاقتسموه على كتاب الله قالت فقلت يا أبت والله لو كان كذا وكذا لتركته إنما هي أسماء فمن الأخرى قال ذو بطن بنت خارجة أراها جارية وقضية عمر بن الخطاب في ندائه سارية وهو على المنبر فبنوا كما ترى على الكشف والاطلاع المعدود من الغيب وهو معتاد في أولياء الله تعالى وكتب العلماء مشحونة بأخبارهم فيه فيقتضي ذلك جريان الحكم وراثة عن النبي صلى الله عليه وسلم. والجواب أن هذا السؤال هو فائدة هذه المسألة وبسببه جلبت هذه المقدمة وإن كان الكلام المتقدم في كتاب المقاصد كافيا ولكن نكتة المسألة هذا تقريرها. فاعلم أن النبي صلى الله عليه وسلم مؤيد بالعصمة معضود بالمعجزة الدالة على صدق ما قال وصحة ما بين وأنت ترى الاجتهاد الصادر منه معصوما بلا خلاف إما بأنه لا يخطئ البتة وإما بأنه لا يقر على خطإ إن فرض فما ظنك بغير ذلك؟ فكل ما حكم به أو أخبر عنه من جهة رؤيا نوم أو رؤية كشف مثل ما حكم به مما ألقى إليه الملك عن الله عزّ وجلّ وأما أمته فكل واحد منهم غير معصوم بل يجوز عليه الغلط والخطأ والنسيان ويجوز أن تكون رؤياه حلما وكشفه غير حقيقي وإن تبين في الوجود صدقة واعتيد ذلك فيه وطرد فإمكان الخطأ والوهم باق (١).

"ومن "هذا الذي قرر "هنا" وثبت بالدليل والبرهان "يعلم" ويدرك على تمام "أن" هذا "الحكما" - الألف للإطلاق - الثابت في حقه - عليه الصلاة والسلام - مخصوص به و"بذاك" فإنه "للأمة لن يعما" - الألف للإطلاق - أي يشمل، فأي فرد منها كيفما كان حاله ومنزلته في الصلاح والتقوى لا يبنى على ما يصدر عنه حكم شرعي، لما تقدم ذكره.

وأيضا فإن كان مثل هذا معدودا في الاطلاع الغيبي فالآيات والأحاديث تدل على أن الغيب لا يعلمه إلا الله، كما في الحديث من قوله عليه الصلاة والسلام في خمس لا يعلمهن إلا الله، ثم تلا: {إِنَّ اللَّهَ عِنْدَهُ عِلْمُ السَّاعَةِ وَيُنَزِّلُ الْغَيْثَ وَيَعْلَمُ مَا فِي الْأَرْحَامِ} [لقمَان: ٣٤] إلى آخر السورة، وقال في الآية الأخرى: {وَعِنْدَهُ مَفَاتِحُ الْغَيْبِ لَا يَعْلَمُهَا إِلَّا هُوَ} [الأنعَام: ٥٩] واستثنى المرسلين في الآية الأخرى بقوله: {عَالِمُ الْغَيْبِ فَلَا


(١) الموافقات ٤/ ٦٠ - ٦١ - ٦٢.

<<  <  ج: ص:  >  >>