للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

٢٥٢٥ - وَلَا غِنَى عَنْهُ لِكُلِّ مُجْتَهِدْ … بَلْ لِلمُكَلَّفِينَ حُكْمُهُ اعْتُمِدْ

٢٥٢٦ - وَلَوْ فَرَضْنَا أَنَّ هَذَا يَرْتَفِعْ … لَارْتَفَعَ التَّكْلِيفُ وَهْوَ مُمْتَنِعْ

العلم: ومن القواعد القضائية "البينة على المدعي واليمين على من أنكر" فالقاضي لا يمكنه الحكم في واقعة - بل لا يمكنه توجيه الحجاج ولا طلب الخصوم بما عليهم - إلا بعد فهم المدعي من المدعى عليه، وهو أصل القضاء ولا يتعين ذلك إلا بنظر واجتهاد ورد الدعاوى إلى الأدلة، وهو تحقيق المناط بعينه (١).

فالحاصل أنه لا بد منه بالنسبة إلى كل ناظر وحاكم ومفت بل بالنسبة إلى كل مكلف في نفسه؛ فإن العامي إذا سمع في الفقه أن الزيادة الفعلية في الصلاة سهوا من غير جنس أفعال الصلاة أو من جنسها إن كانت يسيرة فمغتفرة وإن كانت كثيرة فلا. فوقعت له في صلاته زيادة، فلا بد له من النظر فيها حتى يردها إلى أحد القسمين، ولا يكون ذلك إلا باجتهاد ونظر. فإذا تعين له قسمها تحقق له مناط الحكم فأجراه عليه. وكذلك سائر تكليفاته. ولو فرض ارتفاع هذا الاجتهاد لم تتنزل الأحكام الشرعية على أفعال المكلفين إلا في الذهن؛ لأنها مطلقات وعمومات وما يرجع إلى ذلك، منزلات على أفعال مطلقات كذلك، والأفعال لا تقع في الوجود مطلقة، وإنما تقع معينة مشخصة. فلا يكون الحكم واقعا عليها إلا بعد المعرفة بأن هذا المعين يشمله ذلك المطلق أو ذلك العام، وقد يكون ذلك سهلا وقد لا يكون. وكله اجتهاد" (٢).

" هذا الضرب من الاجتهاد "لا غنى عنه لكل مجتهد" سواء كان قاضيا أو مفتيا، "بل" لا غنى عنه "للمكلفين" لأنه "حكمه اعتمد" وقصد دخوله في شأن التكليف، وتحصيل المكلف به كالصلاة والزكاة، ومصارفها، وما تجري فيه صحته وما لا تجري فيه وكل ما وضع الشرع حقائقه وأوكل إلى المكلف العلم بمواضعها، وما تتحقق فيه من صور، وأحوال. "ولو فرضنا" جدلا "أن هذا" الضرب من الاجتهاد "يرتفع" وينقطع "لارتفع التكليف" الشرعي عن العباد "وهو" أمر "ممتنع" ومحال، فإن فرض ارتفاعه مع بقاء التكليف فإن ذا يوجب التكليف بالمحال، المعلوم امتناعه شرعا، وعقلا، وهذا واضح في هذه المسألة.


(١) الموافقات ٤/ ٦٦.
(٢) الموافقات ٤/ ص ٦٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>