" الأول" منها هو "التنقيح للمناط" الذي يتعلق به الحكم، ويناط به وجودًا وعدمًا وذلك أن يكون المعتبر في الحكم مذكورا "في جملة أوصاف" ورد "بها النص" المفيد. لذلك الحكم والمقتضى له و"حفي" بها - أي معتن بذكرها - ويصح أن يقرأ فعلا ماضيا أي - اعتنى بذكرها - "فيحصل" من المجتهد "التنقيح فيها" أي في تلك الأوصاف "بالنظر" وإعمال الذهن بما يحقق ذلك ويحصله من الطرق المبينة في مسالك العلة وذلك "لميز" ما هو "ملغى شأنه" من تلك الأوصاف وغير معتد به "و" ما هو "معتبر" منها لوجود المناسبة للحكم المذكور فيه، وهذا ظاهر بين جريانه في أمثلة متعددة وذلك "كمثل ما" ورد "في" نص "قصة" الأعرابي "الموافي" أي الآتي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حال كونه "منتهك" حرمة "الصيام" - صيام رمضان - "من أوصاف" إذ ورد فيها - كما في الصحيح - أنه جاء وهو ينتف شعره ويضرب صدره يقول "أهلكت وهلكت واقعت أهلي في رمضان" فألغى وصف كونه أعرابيا ووصف كونه يضرب صدره وينتف شعره، ووصف كون الموطوءة زوجة، ووصف الوطء في القبل، لأن هذه الأوصاف لا تصلح للتعليل. والباقي الصالح للتعليل هو المجامعة في نهار رمضان عند الشافعي وأحمد، وعند مالك وأبي حنيفة الإفطار عمدا لما فيه من انتهاك حرمة رمضان. فقد نقحه أبو حنيفة ومالك مرتين والشافعي وأحمد مرة.
وقد قسمه الغزالي إلى أقسام ثلاثة ذكرها "في شفا الغليل" وهو مبسوط الكلام فيه في كتب الأصول وقال الأصوليون أنه ليس من القياس "و" إنما "هو من التأويل للظواهر" أي ظواهر الألفاظ، وبيان معناها المقصود للشارع فيها، ولذلك قال به أبو حنيفة مع إنكاره القياس في الكفارات. "وخارج عن القياس الصادر" تشريعه من الشارع، وهو القياس المشهور، ونقل في كتب أصولية متعددة أن الغزالي قال: تنقيح المناط يقول به أكثر منكري القياس ولا نعلم بين الأمة خلافا في جوازه، لكنه - أي الغزالي - متعقب في ذلك. وهذا مبسوط في كتب الأصول فلا حاجة إلى تطويل الكلام