"الثان" من هذه الأقسام هو "تخريج" واستنباط "المناط" المعلق به الحكم، وهذا يصار إليه "حيث ما" أي في أي موضع "لم يك" إلى"نص" الشرعي المفيد لذلك الحكم أو غيره قد آذن "بـ" ذلك "المناط" و"أعلما" - الألف للإطلاق - به، "و" بذلك فهو راجع إلى أن النص الدال على الحكم لم يتعرض للمناط، فكأنه "نيل" وأدرك "بالبحث والاجتهاد" والنظر "وهو" الاجتهاد المذكور "قياسي في" اعتباره و"الاعتداد" به وهو معلوم، مبسوط عليه الكلام في كتب الأصول، مفصل فيه القول فيها على تمام، فلتراجع للإطلاع على ذلك.
"و" القسم "الثالث" من هذه الأقسام الثلاثة التي ينقسم إليها هذا الاجتهاد الذي يمكن أن ينقطع ويرتفع هو "التحقيق للمناط" على وجه خاص، وهو الذي يحصل للشخص "مع وجود" تمييز و"تخصيص" نفسي وباطني يحصل "به الفرق" في محل النظر بين ما هو متعلق الحكم، وما هو غير متعلقه و"يقع" به فـ "كأنه" في حقيقة أمره "تحقق" يعني تحقيق "مناط ما" من المواضيع "مناط حكمه" الشرعي "الأعم" والأشمل الذي قد "علما" - الألف للإطلاق - ثبوته. فكأن تحقيق المناط على قسمين: تحقيق عام؛ وهو ما ذكر. وتحقيق خاص من ذلك العام.
وذلك أن الأول نظر في تعيين المناط من حيث هو لمكلف ما. فإذا نظر المجتهد في العدالة مثلا، ووجد هذا الشخص متصفا بها على حسب ما ظهر له، أوقع عليه ما يقتضيه النص من التكاليف المنوطة بالعدول، من الشهادات والانتصاب للولايات العامة أو الخاصة. وهكذا إذا نظر في الأوامر والنواهي الندبية، والأمور الإباحية، ووجد المكلفين والمخاطبين على الجملة، أوقع عليهم أحكام تلك النصوص، كما يوقع عليهم نصوص الواجبات والمحرمات من غير التفات إلى شيء غير القبول المشروط بالتهيئة الظاهرة. فالمكلفون كلهم في أحكام تلك النصوص على سواء في هذا النظر.