للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَقَدْ جَاءَ فِي الصَّحِيحِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَة أَنَّ رَسُولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: «مَا يُصِيبُ الْمُؤْمِن مِن نَصَبٍ وَلا وَصَبٍ وَلا هَمٍّ وَلا حَزَنٍ وَلا أَذَى وَلا غَمٍّ حَتَّى الشَّوْكَةِ يُشَاكُهَا إِلا كَفَّرَ اللهُ تَعَالَى بِهَا مِنْ خَطَايَاهُ» . أ. هـ.

وَالْحِكْمَةُ وَاللهُ أَعْلَمُ فِي ذَلِكَ أَنَّهَا مُرَبِيَة لِلنُّفُوس وَتُمُرِّنُهَا عَلَى احْتِمَالِ الشَّدَائِدِ وَالصَّبْرِ الْجَمِيلِ عَلَى الإِنَاءَاتِ وَالرَّزَانَة وَالصَّبْرِ عَلَى الْمَكَارِهِ فَتَبْلُغُ بِصَاحِبِهَا إِلَى أَعْلَى دَرَجَاتِ الْكَمَالِ وَبُلُوغِ الْغَايَاتِ لِذَلِكَ تَجِدُ الرِّجَالَ الأَمَجَادَ الَّذِينَ هُمْ أُشَدُّ مُعَانَاةً لِلشَّدَائِدِ فِي حَيَاتِهِمْ وَصَبَرُوا عَلَى الْمَصَائِبِ وَالآلامِ الَّتِي تَنَالُهُمْ عِنْدَ قِيَامِهِمْ بِالدَّعْوَةِ الإِسْلامِيَّةِ ذِكْرُهُمْ بَاق عَلَى مَرِّ الزَّمَانِ وَأَجْرُهُمْ عِنْدَ اللهِ تَام.

اللَّهُمَّ ثَبِّتْ مَحَبَّتِكَ فِي قُلُوبِنَا وَقَوِّهَا وَارْزُقْنَا الْقِيَامَ بِطَاعَتِكَ وَجَنِّبْنَا مَا يُسْخِطُكَ وَأَصْلِحْ نِيَّاتِنَا وَذُرِّيَاتِنَا وَأَعِذْنَا مِنْ شَرِّ نُفُوسِنَا وَسَيِّئَاتِ أَعْمَالِنَا وَأَعِذْنَا مِنْ عَدُوِّكَ وَاجْعَلْ هَوَانَا تَبَعًا لِمَا جَاءَ بِهِ رَسُولُكَ - صلى الله عليه وسلم - وَاغْفِرْ لَنَا وَلِوَالِدَيْنَا وَلِجَمِيعِ الْمُسْلِمِينَ بِرَحْمَتِكَ يَا أَرْحَمَ الرَّاحِمِينَ وَصَلَّى اللهُ عَلَى مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ أَجْمَعِينَ.

(فَصْلٌ) : وَاللهُ سُبْحَانَهُ يَبْتَلِي مَنْ شَاءَ مِنْ عِبَادِهِ مَا قُدِّرَ لَهُ مِنْ الْمَنْزِلَةِ، قَالَ تَعَالَى: {أَمْ حَسِبْتُمْ أَن تَدْخُلُواْ الْجَنَّةَ وَلَمَّا يَأْتِكُم مَّثَلُ الَّذِينَ خَلَوْاْ مِن قَبْلِكُم مَّسَّتْهُمُ الْبَأْسَاء وَالضَّرَّاء وَزُلْزِلُواْ حَتَّى يَقُولَ الرَّسُولُ وَالَّذِينَ آمَنُواْ مَعَهُ مَتَى نَصْرُ اللهِ أَلا إِنَّ نَصْرَ اللهِ قَرِيبٌ} .

وَقَدْ وَرَدَتْ أَحَادِيثُ مُطَمِّنَةٌ لِقُلُوبِ الْمُؤْمِنِينَ، الَّذِينَ تُصِيبُهُمْ الْمَصَائِبُ فِي الدُّنْيَا مِنْ ذَلِكَ مَا وَرَدَ عَنْ كَعْبِ بنِ مَالِكٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -: «مِثَلُ الْمُؤْمِنِ كَمَثَلِ الْخَامَةِ مِن الزَّرْعِ تَفِيئُهَا الرِّيحُ مَرَّةً وَتَعْدِلُهَا أُخْرَى حَتَّى تَهِيجَ وَمَثَلُ الْكَافِرِ كَمَثَلِ الأرْزَةِ الْمُجَذِّبَةَ عَلَى أَصْلِهَا لا يَفِيئُهَا شَيْءٌ يَكُونُ انْجَعَافُهَا مَرَّةً وَاحِدَةً» .

<<  <  ج: ص:  >  >>