وهذان هما العونان على مصالح الدنيا والآخرة وهما الصبر والصلاة فقال تعالى:{وَاسْتَعِينُواْ بِالصَّبْرِ وَالصَّلاَةِ وَإِنَّهَا لَكَبِيرَةٌ إِلاَّ عَلَى الْخَاشِعِينَ} ، وقال:{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اسْتَعِينُواْ بِالصَّبْرِ وَالصَّلاَةِ إِنَّ اللهَ مَعَ الصَّابِرِينَ} .
ثم ذكر سبحانه إحسانهم إلى غيرهم بالإنفاق سرًا وعلانية فأحسنوا إلى أنفسهم بالصبر والصلاة، وإلى غيرهم بالأنفاق عليهم.
ثم ذكر حالهم إذا جهل عليهم وأوذو أنهم لا يقابلون ذلك بمثله بل يدرأ ون بالحسنة السيئة، فيحسنون إلى من يسيء إليهم فقال:{وَيَدْرَؤُونَ بِالْحَسَنَةِ السَّيِّئَةَ} . وقد فسر هذا الدرء بأنهم يدفعون بالذنب الحسنة بعده كما قال تعالى:{إِنَّ الْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئَاتِ} ، وقال - صلى الله عليه وسلم -: «اتبع السيئة الحسنة بعدها تمحها» .
والتحقق: أن الآية تعم النوعين والمقصود: أن هذه الآيات، تناولت مقامات الإسلام والإيمان كلها، واشتملت على فعل المأمور، وترك المحظور، والصبر على المقدور.
وقد ذكر تعالى هذه الأصول الثلاثة في قوله:{بَلَى إِن تَصْبِرُواْ وَتَتَّقُواْ} ، وقوله:{إِنَّهُ مَن يَتَّقِ وَيِصْبِرْ} ، وقوله:{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اصْبِرُواْ وَصَابِرُواْ وَرَابِطُواْ وَاتَّقُواْ اللهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ} .
فكل موضع قرن فيه التقوى بالصبر، اشتمل على الأمور الثلاثة، فإن حقيقة التقوى: فعل المأمور، وترك المحظور.