للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

القيم: فشبه عرض الفتن على ما القلوب شيئًا فشيئًا كعرض عيدان الحصير وهي طاقاتها شيئًا فشيئًا، وقسم القلوب عند عرضها عليها إلى قسمين: قلب إذا عرضت عليه فتنة أشربها، نكتت فيه نكتة سوداء، كما يشرب الأسفنج الماء، فتنكتت فيه نكتة سوداء، فلا يزال يشرب كل فتنة تعرض عليه، حتى يسود وينتكس، وهو معنى قوله: «كالكوز مجخيا» . أي منكوسا.

فإذا اسود وانتكس، عرض له من هذين الآفتين خطران متراميان به إلى الهلاك، أحدهما اشتباه المعروف عليه بالمنكر فلا يعرف معروفًا ولا ينكر منكرًا وربما استحكم عليه هذا المرض، حتى يعتقد المعروف منكرًا، والمنكر معروفًا، والسنة بدعة، والبدعة سنة، والحق باطلاً، والباطل حقًا.

الثاني تحكيمه هواه على ما جاءه به الرسول صلى الله عليه وسلم، وانقياده للهوى واتباعه له.

وقلب أبيض، قد أشرق فيه نور الإيمان وأزهر مصابحه، فإذا عرضت عليه الفتنة أنكرها وردها، فازداد نوره وإشراقه وقوته، والفتنة التي تعرض على القلوب هي أسباب مرضها، وهي فتن الشهوات وفتن الشبهات، فتن الغي والضلال، فتن المعاصي والبدع، فتن الظلم والجهل، فالأولى توجب فساد القصد والإرادة، والثانية توجب فساد العلم والاعتقاد. أ. هـ. والله أعلم. وصلى على محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

(فَصْلٌ)

فالقلوب نوعان قلب إذا عرضت عليه الفتنة أشربها وأحبها ومال

<<  <  ج: ص:  >  >>