للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أَنْ يُلْزِمَ النَّاسَ بِقَوْلِ عَالِم ولا أَمِيرٍ ولا شَيخٍ ولا مَلِكٍ وَحُكَّامُ المسلمينَ في الأمُورِ المُعَيَّنَةِ لا يَحْكُمونَ في الأمورِ الكُلِّيَةِ وَإِذَا حَكمَوا في الْمُعِينَاتِ فَعَليهِمْ أَنْ يَحْكُمُوا بِمَا في كِتَابِ اللهِ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ فَبِمَا في سُنَّة َرسولِ اللهِ فَإِنْ لَمْ يَجِدُوا اجْتَهَدَ الْحَاكمُ بِرأيه. انتهى.

لأَنَّهُ - صلى الله عليه وسلم - لِمَا بَعَثَ مُعَاذًا إلى اليمنِ قَالَ: «بِمَ تَحْكُمْ» ؟ قَالَ بِكِتَابِ اللهِ «فَإِنْ لَمْ تَجِدْ» ؟ قَالَ: بِسنةِ رَسُولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: «فَإِنْ لَمْ تَجِدْ» ؟ قَالَ: أجْتَهِدُ رَأَيِي. قَالَ: «الْحَمْدُ اللهِ الذي وَفَّقَ رَسُولَ رَسُولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - لِمَا يُرْضِي رَسُولَ الله - صلى الله عليه وسلم -» .

وفي كِتَابِ عُمْرَ بِنْ عَبْدِ العزيزِ إلى عُرْوَة كَتَبْتَ إليَّ تَسْأَلَنِي عَنْ القضاءِ بَيْنَ النَّاسِ وَإِنَّ رَأَسَ القَضَاءِ إِتَّبَاعُ مَا فِي كِتَابِ اللهِ ثُمَّ القَضَاءُ بِسُنَّةِ رَسُولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - ثُمَّ بِحُكمِ أَئِمَّة الْهُدَى ثُمَّ اسْتِشَارَةِ ذَوِي العلمِ وَالرَّأيِ وَذُكِرَ عَنْ سُفْيَانَ ابنُ عُيَينَةِ قَالَ: كَانَ ابنُ شُبْرَمَةَ يَقُولَ:

مَا في القَضَاءِِ شَفَاعَةٌ لِمُخَاصِمٍ ... عِنْد اللَّبِيبِ ولا الفَقِيهِ العَالِمِ

هَوِنْ عَلَيَّ إِذَا قَضَيْتُ بِسُنَّةٍ ... أَوْ بالكِتَابِ بِرَغْمِ أَنْفِ الرَّاغِمِ

وَقَضَيْتُ فِيمَا لَمْ أَجِدْ أَثَرًا بِهِ ... بِنَظَائِرِ مَعْرُوفَةٍ وَمَعَالِمٍ

وَعَنْ بن وَهْبِ قَالَ: قَالَ مَالِكُ: الْحُكْمُ حُكْمَانِ حُكْمٌ جَاءَ بِهِ كِتَابَ اللهَ، وَحُكْمُ أَحْكَمَتَّهُ السُّنَة، قَالَ: وَمُجْتَهِدٌ رَأْيَهُ فَلَعَلَّهُ يُوَفقْ.

وَقَالَ ابنُ القَيِّمِ رَحِمَهُ اللهَ عَلى قَوْلِهِ تَعَالى: {فَلاَ وَرَبِّكَ لاَ يُؤْمِنُونَ} الآية: فَأَقْسَمَ سُبْحَانَه بَأَجلِّ مُقْسَمٍ بِهِ وَهُو بِنَفْسِهِ عَزَّ وَجَل عَلَى أَنَّهُ لا يَثْبُتُ لَهُمُ إيمَانَ ولا يَكُونُونَ مِنْ أَهْلِِهِ حَتَّى يُحَكِّمُوا الرَّسُولَ - صلى الله عليه وسلم - في جميعِ مَوَارِدِ النِّزَاعِ في جميعِ أَبْوَابِ الدِّينَ فَإِنَّ لَفْظَةَ (مَا) مِنْ صِيغِ العُمُوم تَقْتَضِي نَفْيَ الإِيمَانِ أَوْ يُوجَدَ تَحْكِيمُهُ في جميعِ مَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ.

وَلَمْ يَقْتَصِر عَلَى هَذا حَتَّى ضَمَّ إليه انْشِرَاحُ صُدِورِهم بِحُكْمِهِ حَيْثُ لا

<<  <  ج: ص:  >  >>