فلا يكشف عروته فِي الخلوة، ولا يتجشأ بصوت مزعج مَا وجد إِلَى خلافه سبيلا، ولا يخرج الريح بصوت ولا يجشع وينهم عند أكله وحده وبالجملة فلا يفعل خاليًا مات يستحي من فعله فِي الملإ إلا مَا يحظره الشرع والعقل إن وافق الشرع ولا يكون إلا فِي الخلوة كالجماع والتخلي ونحو ذلك.
الدرجة الثانية المروءة مع الخلق بأن يستعمل معهم شروط الأدب والحياء والخلق الجميل ولا يظهر لهم مَا يكرهه هو من غيره لنفسه وليتخذ الناس المتمشين مع الشريعة المطهرة فِي أقوالهم وأفعالهم مرآة لنفسه فكل مَا كرهه ونفر عنْه من قول أو فعل أو خلق فليجتنبه وما أحبه من ذلك واستحسنه فليفعله.
وصاحب هذه البصيرة ينتفع بكل من خالطه وصاحبه من كامل وناقص وسيء الخلق وحسنه، وعديم المروءة وغزيرها، وكثير من الناس يتعلم المروءة ومكارم الأخلاق من الموصوفين بأضدادها كما روي عن بعض الأكابر أنه كان له مملوك سيء الخلق فظ غليظ لا يناسبه فسئل عن ذلك فقال: أدرس عليه مكارم الأخلاق.
وكان لآخر زوجة حمقاء بذيئة اللسان تشتمه بل وتلعنه باستمرار وتدعو عليه من دون داع فقيل له: كيف تصبر عليها وهذه سيرتها معك غفر الله لك.
فقال: أدرس عليها مكارم الأخلاق وبالأخص الحلم والصبر وأريد أن تبرز زلاتي فأتجنبها وكان كثيرًا مَا يتمثل بهاذين البيتين: