للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

صَاحِبُ المَظْلَمَةِ وَصِيفًا، فَرَدَّهَا وَلَمْ يَقْبَلُهَا، وَقَالَ: سَمِعْتُ ابْنَ مَسْعُودٍ يَقُول: مَنْ رَدَّ عَنْ مُسْلِمٍ مَظْلَمَةٍ فَأَعْطَاهُ عَلَيْهَا قَلِيلاً أَوْ كَثِيرًا فَهْوَ سَحُتْ، فَقَالَ الرَّجُلْ: يَا أَبَا عَبْدَ الرَّحْمَنِ مَا كُنَّا نَظُنُّ أَنْ السُّحْتَ إِلا الرِّشْوَةُ فِي الحُكْمِ، فَقَالَ: ذَلِكَ كُفْرٌ نَعُوذُ بِاللهِ مِنْهُ.

قَالَ العُلَمَاءُ: وَيَحْرُمُ عَلَى القَاضِي قُبُولُ هَدِيَّة إِلا مِمَّنْ كَانَ يُهَادِيهِ قَبْلَ وِلايَتِهْ، إِذَا لَمْ تَكُنْ لَهُ حُكُومَةْ، لِمَا رَوَىَ أَبُو سَعِيدٍ قَالَ: بَعَثَ النَّبِيّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَجُلاً مِنَ الأَزْدِ يُقَالُ لَهُ: ابْنُ اللُّتْبِيَّةِ عَلَى الصَّدَقَةِ، فَقَالَ: هَذَا لَكُمْ، وَهَذَا أُهْدِي إلي، فَقَامَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَحَمِدَ اللهَ وَأَثْنَى عَلَيْهِ، ثُمَّ قَالَ: «مَا بَالُ العَامِلِ نَبْعَثُهُ فَيِجِيءُ فَيَقُولُ: هَذَا لَكُمْ، وَهَذَا أُهِدِيَ إلي، أَلا جَلَسَ فِي بَيْتِ أَبِيهِ فَيَنْظُرَ أُيُهْدَى إليه أَمْ لا، وَالذِي نَفْسُ مُحَمَّدٍ بِيَدِهِ لا نَبْعَثُ أَحَدًا مِنْكُمْ فَيَأخُذَ شَيْئًا إِلا جَاءَ بِهِ يَوْمَ القِيَامَةِ يَحْمِلُهُ، إِنْ كَانَ بَعِيرًا لَهُ رُغَاءْ أَوْ بَقَرَةً لَهَا خُوَارٌ، أَوْ شَاةً تَيْعَرْ» ثُمَّ رَفَعَ يَدَهُ حَتَّى رَأَيْتُ عُقْدَةَ إِبْطَيْهِ، فَقَالَ: «اللَّهُمَّ هَلْ بَلَّغْتُ» ثلاثًا. مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.

شِعْرًا: ... لا يَأْمَِنِ الوَقْتَ إِلا الخَائِنُ البَطِرُ

مَنْ لَيْسَ يَعْقِلُ مَا يَأْتِي وَمَا يَذَرُ

مَا يَجْهَلُ الرُّشْدَ مَنْ خَافَ الإِلَه وَمَن

أَمْسَى وَهِمَّتُهُ فِي دِينِهِ الفْكَرُ

فِيمَا مَضَى فِكْرَةٌ فِيهَا لِصَاحِبِهَا

إِنْ كَانَ ذَا بَصَرٍ بِالرَّأْيِ مُعْتَبِرُ

أَيْنَ القُرُونُ وَأَيْنَ المُبْتَنُونَ لَنَا

هَذِي المَدائِنُ فِيهَا المَاءُ وَالشَّجَرُ ... >?

<<  <  ج: ص:  >  >>