للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

" فَصْلٌ ": فِي الأَمْر بالمَعْرُوْفِ والنَّهْي عَنْ المُنْكَر

اعْلَمْ وفقك الله أن الأَمْر بالمعروف والنهي عَنْ الْمُنْكَر يجبان وجوب كفائي يخاطب به الجميع، ويسقط بمن يقوم به، وإن كَانَ العَالِم به واحدًا تعين عَلَيْهِ، وإن كَانُوا جماعة لكن لا يحصل المقصود إِلا بِهُمْ جميعًا تعين عَلَيْهمْ.

وأما تعريفهما، فالمعروف اسم جامَعَ لكل مَا عرف من طاعة الله والتقرب إليه والإحسان إلى النَّاس. والْمُنْكَر ضده وعرفه بَعْضهُمْ بقوله: الْمُنْكَر اسم جامَعَ لكل مَا يكرهه الله وينهى عَنْهُ والمعروف اسم جامَعَ لكل مَا يحبه الله من الإِيمَان والْعَمَل الصالح.

وقَدْ حبب الله إلينا الْخَيْر وأمرنا أن ندعو إليه، وكره إلينا الْمُنْكَر ونهانَا عَنْهُ، وأمرنا بمنع غيرنا منه، كما أمرنا بالتعاون على البر والتقوى.

فَقَالَ تَعَالَى: {وَتَعَاوَنُواْ عَلَى الْبرِّ وَالتَّقْوَى وَلاَ تَعَاوَنُواْ عَلَى الإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَاتَّقُواْ اللهَ إِنَّ اللهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ} .

والأصل فِي وجوبهما: الكتاب والسنة والإجماع قَالَ الله تَعَالَى: {وَلْتَكُن مِّنكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَأُوْلَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ} .

وأبان جَلَّ وَعَلا أننا بهما خَيْر الأمم فَقَالَ: {كُنتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللهِ} .

وفي المسند والسُّنَن مِنْ حَدِيثِ عمرو بن مرة عَنْ سالم بن أبي الجعد عَنْ أبي عبيدة بن عَبْد اللهِ بن مسعود عَنْ أبيه قَالَ: قَالَ رَسُول اللهِ - صلى الله عليه وسلم -: «إن من كَانَ قبلكم كَانَ إِذَا عمل العامل الخطيئة جاءه الناهي تعذيرًا فَإِذَا كَانَ الغد جالسه وواكله وشاربه كأنه لم يره على خطيئة بالأمس فَلَمَّا رأى الله عَزَّ وَجَلَّ

<<  <  ج: ص:  >  >>