للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ثم أخرج عيبته فألقى عنه ثياب السفر ولبس من صالح ثيابه ثم أقبل إِلَى النبي صلى الله عليه وسلم وَقَدْ بسط النبي صلى الله عليه وسلم رجله واتكأ فلما دنا مِنْه الأشج أوسع القوم له وقالوا: ها هنا يا أشج فقال النبي صلى الله عليه وسلم واستوى قاعدًا وقبض رجله: «ها هنا يا أشج» . فقعد عن يمين رسول الله صلى الله عليه وسلم فرحب به وألطفه وسأله عن بلادهم وسمى لهم قرية الصفا والمشقر وغير ذلك من قرى هجر.

فقال: بأبي وأمي يا رسول الله لأنت أعلم بأسماء قرانا منا فقال: «إني وطئت بلادكم وفسح لي فيها» ثم أقبل على الأنصار فقال: «يا معشر الأنصار أكروما إخوانكم أشباهكم فِي الإسلام شيء بكم أشعارًا وأبشارًا أسلموا طائعين غير مكرهين ولا موتورين إذ أبى قوم أن يسلموا حتى قتلوا» .

قال: فلما أصبحوا قال: «كيف رأيتم كرامة إخوانكم وضيافتهم إياكم» . قالوا: خير إخوان ألانوا فرشنا وأطابوا مطعمنا وباتوا وأصبحوا يعلمونا كتاب ربنا تبارك وتعالى وسنة نبينا محمد - صلى الله عليه وسلم - فأعجب النبي - صلى الله عليه وسلم - وفرح. رواه أحمد بإسناد صحيح.

وإكرام الضيف يكون بحسن استقباله ويقابله بوجه ويهش به ويبش ويرحب به ويؤهل ويظهر له من السرور مَا تطيب به نفسه ويطمئن به قلبه من حسن حديث مما يناسب حاله ومقامه وابتسام ومداعبة فِي حشمه واحترام وقديمًا قيل:

إِذَا الْمَرْءُ وَافَى مَنْزلاً لَكَ قَاصِدًا ... قَرَاكَ وَأَرْمَتْهُ لَدَيْكَ الْمَسَالِكُ

فَكُنْ بَاسِمًا فِي وَجْهِهِ مُتَهَلِّلاً ... وَقُلْ مَرْحَبًا أَهْلاً وَيَوْمٌ مُبَارَكُ

وَقَدِّمْ لَهُ مَا تَسْتَطِيعُ مِنَ الْقِرَا ... عَجُولاً وَلا تَبْخَلْ بِمَا هُوَ هَالِكُ

فَقَدْ قِيلَ بَيْتٌ سَالِفٌ مُتَقَدِّمٌ ... تَدَاوَلَهُ زَيْدٌ وَعَمْرُو وَمَالِكُ

(بَشَاشَةُ وَجْهِ الْمَرْءِ خَيْرَ مِنْ الْقِرَا ... فَكَيْفَ بِمَنْ يَأْتِي بِهِ وَهُوَ ضَاحِكُ)

<<  <  ج: ص:  >  >>