وَقَالَ ابن مسعود رَضِيَ اللهُ عنهُ لأصحابه: أنتم أكثر صوماً وصلاةً من أصحاب مُحَمَّد ?، وهم كَانُوا خيراً منكم، قَالُوا: وبما ذاك؟ قال: كَانُوا أزهد منكم فِي الدُّنْيَا وأرغب فِي الآخرة.
يشير إلي الصحابة رَضِيَ اللهُ عنهُمْ فاقوا عَلَى من بعدهم بشدة تعلق قُلُوبهمْ بالآخرة ورغبتهم فيها وإعراضهم عن الدُّنْيَا وتحقيرها وتصغيرها.
وهذه الحال ورثوها من نبيهم ?، فإنه كَانَ أشد الخلق فراغاً بقَلْبهُ من الدُّنْيَا وتعلقه بِاللهِ والدار الآخرة مَعَ ملابسته للخلق بظاهره، وقيامه بأعباء النبوة وسياسة الدين والدنيا.
وكَذَلِكَ خلفاؤه الراشدون بعده، وكَذَلِكَ أعيان التابعين لهُمْ بإحسان كالحسن وعمر بن عَبْد الْعَزِيز وقَدْ كَانَ فِي زمأنَّهُمْ من هُوَ أكثر مِنْهُمْ صوماً، اللَّهُمَّ ارزقنا حبك وحب من يحبك وحب الْعَمَل الَّذِي يقربنا إلي حبك، اللَّهُمَّ ثَبِّتْ إيماننا ثبوت الجبال الراسيات ووفقنا للعمل بالباقيات الصالحات واعصمنا يا مولانَا عن المحرمَاتَ والمشتبهات واغفر لنا جَمِيع الخطايا والزلات وافتح لدعائنا باب القبول والإجابات يا أجود الأجودين وأكرم الأكرمين وصلي الله عَلَى مُحَمَّد وعَلَى آله وصحبه أجمعين.
(فصل)
وَقَالَ ابن رجب رَحِمَهُ اللهُ عَلَى " قوله ? فِي حديث أَبِي هُرَيْرَةِ وعَائِشَة رَضِيَ اللهُ عنهُمَا فسددوا وقاربوا: المراد بالتسديد الْعَمَل بالسداد، وَهُوَ القصد والتوسط فِي العبادة فلا يقصر فيما أمر به، ولا يتحمل منها ما لا يطيقه".
قال النضرُ بنُ شُمَيْلٍ: السداد القصد فِي الدين والسبيل، وكذا