للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ذِكْرَكَ وَشُكْرَكَ بِحُضُورِ قَلْبٍ وَاجْعَلْنَا هُدَاةً مُهْتَدِينَ وَآتِنَا في الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ، وَاغْفِرْ لَنَا وَلِوَالِدَيْنَا وَجَمِيعِ الْمُسْلِمِينَ اللَّهُمَّ أَذِقْنَا عَفْوَكَ وَغُفْرَانَكَ وَاسْلُكْ بِنَا طَرِيقَ مَرْضَاتِكَ. وَعَامِلْنَا بِلُطْفِكَ وَإِحْسَانِكَ وَاقْطَعْ عَنَّا مَا يُبْعِدُ عَنْ طَاعَتِكَ اللَّهُمَّ وَثَبِّتْ مَحَبَّتَكَ فِي قُلُوبِنَا وَقَوِّهَا وَيَسِّرْ لَنَا مَا يَسَّرْتَهُ لأَوْلِيَائِكَ، وَاغْفِرْ لَنَا وَلِوَالِدَيْنَا وَلِجَمِيعِ المُسْلِمِينَ الأَحْيَاءِ مِنْهُمْ وَالمَيِّتِينَ بِرَحْمَتِكَ يَا أَرْحَمَ الرَّاحِمِيْنَ، وَصَلَّى اللهُ عَلَى مُحَمَّدٍ وَآلِهِ وصَحْبِهِ أَجْمَعِينَ.

(فَصْلٌ)

وَأَرَادَ الْمُشْرِكُونَ أَنْ يَسْتَوْثِقُوا مِنْ رِجَالِ الْمُسْلِمِينَ، قَبْلَ أَنْ يُنَازِلُوهُمْ، فَأَرْسَلُوا عُمَيْرَ بن وَهْبٍ الْجُمَحِي يَحْرُزُ لَهُمْ أَعْدَادَ الْمُسْلِمِينَ تَقْرِيبًا، وَيَتَعَرَّفُ أَحْوَالَهُمْ، فَلَمَّا اطَّلَعَ عَلَيْهِمْ عُمَيْرُ رَأَى الْمُسْلِمِينَ فِي مَنْظَرٍ يَبْعَثُ الرُّعْبَ والذُّعْرَ وَالْخَوْفَ وَيَسْتَوْجِبُ الْحَذَرَ الشَّدِيدَ، قَوْمٌ قَلِيلٌ عَدَدَهُمْ، وَلَكِنْ صُوَرُ الْمَوْتِ تَتَرَاءَى مِنْ مَنَاظِرِهِمْ، قَدْ تَرَاصَتْ صُفُوفُهُمْ، كَمَا يَتَرَاصُ البُنْيَانِ، وَتَلاحَمَتْ أَجْسَامُهُمْ كَمَا يَتَلاحَمُ الْحَدِيدُ، وَجَثُوا عَلَى الرُّكَبِ مُسْتَوْفِزِين، يَتْنَمَرُونَ تَنَمُّرَ الأُسُودِ الضَّوَارِي، وَيَتَلَمَظُونَ تَلَمُظَ الأفَاعِي، وَيَدُورُونَ بِعُيُونٍ تَبْعَثُ الْمَوْتَ حَيْثُمَا دَارَتْ، وَتَتَحَرَّكَ شِفَاهُهمُ بِمَا لا تَظْهِرُهُ أَصْوَاتُهُمْ، يَسُودُهُمْ صَمْتٌ رَهِيبٌ وَتَصْمِيمٌ عَجِيبٌ، وَعَزْمٌ صَارِمٌ عَلَى الاسْتِمَاتَةِ فِي سَبِيلِ اللهِ، حَتَّى لَكَأَنَّهُمْ بَاعُوا لَهَا نُفُوسَهُمْ، فلا يُرِيدُونَ أَنْ يَرْجِعُوا إِلى أَهْلِيهِمْ، فَأَخَذَ عُمَيْرُ بِهَذَا الْمَنْظِرِ الْمُفْزِعِ الْمُقْلِقِ، وَرَجَعَ إِلى قَوْمِهِ فَقَالَ لَهُمْ: يَا مَعْشَرَ قُرَيْشٍ البَلايَا تَحْمِلُ الْمَنَايَا.. نَوَاضِحُ يَثْرِبَ تَحْمِلُ الْمَوْتَ النَّاقِعَ، قَوْمٌ لَيْسَ لَهُمْ مَنَعَةٌ، وَلا مَلْجَأ إِلا سُيُوفَهُمْ، والله ما أَرَى أَنْ يُقْتَلَ رَجُلٌ مِنْهُمْ حَتَّى يُقْتَلَ رَجُلاً مِنْكُمْ، فَإِذَا أَصَابُوا مِنْكُمْ

<<  <  ج: ص:  >  >>