النبي صلى الله عليه وسلم لأنجشة حاديه:«يا أنجشة رويدك رفقًا بالقوارير» . يعني النساء، فإذا اجتمع إلى هذه الرقية الدف والشبابه والرقص بالتخنث والتكسر فلو حبلت المرأة من غناء حبلت من هذا الغناء، فلعمر الله كم من حرة صارت بالغناء من البغايا، وكم من حر أصبح به عبدًا للصبيان والصبايا، وكم من غيور تبدل به اسمًا قبيحًا بين البرايا، وكم من ذي غنىً وثروة أصبح بسببه على الأرض بعد المطارف والحشايا، وكم من معافى تعرض له فأمسى وقد وحلت به أنواع البلايا، وكم أهدى للمشغوف من أشجانٍ وأحزانٍ، فلم يجد بدًا من قبول تلك الهدايا، وكم جرع من غصة، وأزال من نعمة، وجلب من نقمة، وذلك منه من إحدى العطايا، وكم خبأ لأهله من الآم منتظره، وغموم متوقعة، وهموم مستقبلة.
قال: وأما تسميته منبت النفاق فعن ابن مسعود قال: الغناء ينبت النفاق في القلب، كما ينبت الماء الزرع، والذكر ينبت الأيمان في القلب، كما ينبت الماء الزرع، فإن قيل: فما وجه انباته للنفاق من بين سائر المعاصي؟ قيل: هذا من أدل شيء على فقه الصحابة في أحوال القلوب وأعمالها، ومعرفتهم بأدويتها وأدوائها، وأنهم هم أطباء القلوب، دون المنحرفين عن طريقتهم، الذين داووا أمراض القلوب بأعظم أدوائها، فكانوا كالمداوي من السقم بالسم القاتل، وهكذا والله فعلوا بكثير من الأدوية التي ركبوها أو بأكثرها، فاتفق قلة الأطباء وكثرة المرضى، وحدوث أمراض مزمنة لم تكن في السلف، والعدول عن الدواء النافع الذي ركبه الشارع، وميل المريض إلى ما يقوي مادة