آخر: هذه قصيدة وعظية ألق لها سمعك:
أَنِسْتُ بِلأوَاءٍ الزَّمَانِ وَذِلِّهِ ... فَيَا عِزَّةَ الدُّنْيَا عَلَيْكَ سَلامُ
إِلَى كَمْ أُعَانِي تِيهَهَا ودَلالَهَا ... ألَمْ يَأْنِ عَنْهَا سَلْوَةُ وَسَآمُ
وَقَدْ أَخْلَقَ الأَيَّامُ جِلْبِاب حُسْنِهَا ... وَأَضْحَتْ وَدِيبَاجُ الْبَهَاءِ مَسَامُ
عَلَى حِينَ شَيْبٌ قَدْ أَلَمَّ بَمَفْرَقِي ... وَعَادَ رُهَامُ الشَّعْرِ وَهُوَ ثَغَامُ
طَلائِعُ ضَعْفٍ قَدْ أَغَارَتْ عَلَى الْقُوَى ... وَثَارَ بِمِيدَانِ الْمِزَاجِ قَتَامُ
فَلا هِيَ فِي بُرْجِ الْجَمَالِ مُقِيمَةٌ ... وَلا أَنَا فِي عَهْدِ الْمُجُونَ مُدَامُ
تَقَطَّعَت الأَسْبَابُ بَيْنِي وَبَيْنَهَا ... وَلَمْ يَبْقَ فِينَا نِسْبَةٌ وَلِئَامُ
وَعَادَتْ قُلُوصُ الْعَزْمِ عَنِّي كَلِيلَةً ... وَقَدْ جُبَّ مِنْهَا غَارِبٌ وَسَنَّامُ
كَأَنِّي بِهَا والْقَلْبُ زُمَّتْ رِكَابهُ ... وَقُوِّضَ أَبْيَاتٌ لَهُ وَخِيَامُ
وَسِيقَتْ إِلَى دَارِ الْخُمُولِ حُمُولُهُ ... يَحُنُّ إليها وَالدُّمُوعُ رُهَامُ
حَنِينَ عَجُولٍ غَرَّهَا الْبَوُّ فَانْثَنَتْ ... إليه وَفِيهَا أَنَّهُ وَضُغَامُ
تَوَلَّتْ لَيَالِ لِلْمَسَرَّاتِ وَانْقَضَتْ ... لِكُلِّ زَمَانٍ غَايَةٌ وَتَمَامُ
فَسَرْعَانَ مَا مَرَّتْ وَوَلَّتْ وَلَيْتَهَا ... تَدُومُ وَلَكِنْ مَا لَهُنَّ دَوَامُ
دُهُورٌ تَقَضَّتْ بِالْمَسَرَّاتِ سَاعَةً ... وَيَوْمَ تَوَلَّى بِالْمَسَاءَةِ عَامُ
فَلِلَّهِ دَرُّ الْغَمِّ حَيْثُ أَمَدَّنِي ... بِطُولِ حَيَاةٍ وَالْهُمُومُ سِهَامُ
أَسِيرُ بِتَيْمَاءٍ التَّحَيُّرِ مُفْرَدًا ... وَلِي مَعَ صَحْبِي عِشْرَةٌ وَنَدَامُ
وَكَمْ عَشِيرَةٍ مَا أَوْرَثَتْ غَيْرَ عُسْرَةٍ ... وَرُبَّ كَلامِ فِي الْقُلُوبِ كَلامُ
فَمَا عِشْتُ لا أَنْسَى حُقُوقَ صَنِيعِهِ ... وَهَيْهَاتَ أَنْ يُنْسَى لَدَيَّ ذِمَامُ
كَمَا اعْتَادَ أَبْنَاءُ الزَّمَانِ وَأَجْمَعَتْ ... عَلَيْهِ فِئَامٌ إِثْرَ ذَاكَ فِيَامُ
خَبَتْ نَارُ أَعْلامِ الْمَعَارِفِ وَالْهُدَى ... وَشُبَّ لِنِيرَانِ الضَّلالِ ضُرَامُ
وَكَانَ سَرِيرَ الْعِلْمِ صَرْحًا مُمَرَّدًا ... يُنَاغِي الْقِبَابَ السَّبْعَ وَهِيَ عِظَامُ