للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

.. مَتِينًا رَفِيعًا لا يُطَارُ غُرَابُهُ ... عَزِيرًا مَنِيعًا لا يَكَادُ يُرَامُ

يَلُوحُ سَنَا بَرْقِ الْهُدَى مِنْ بُرُوجِهِ ... كَبَرْقٍ بَدَا بَيْنَ السَّحَابِ يُشَامُ

فَجَرَّتَ عَلَيْهِ الرَّاسِيَاتُ ذُيُولَهَا ... فَخَرَّتْ عُرُوشٌ مِنْهُ ثُمَّ دَعَامُ

وَسِيقَ إِلَى دَارِ الْمَهَانَةِ أَهْلُهُ ... مَسَاقَ أَسِيرٍ لا يَزَالُ يُضَامُ

كَذَا تَجْرِي الأَيَّامُ بَيْنَ الْوَرَى عَلَى ... طَرَائِقَ مِنْهَا جَائِرٌ وَقَوَّامُ

فَمَا كُلُّ مَا قَدْ قِيلَ عِلْمٌ وَحِكْمَةٌ ... وَمَا كُلُّ أَفْرَادِ الْحَدِيدِ حُسَامُ

وَلِلدَّهْرِ تَارَاتٌ تَمُرُّ عَلَى الْفَتَى ... نَعِيمٌ وَبُؤْسٌ صِحَّةٌ وَسَقَامُ

وَمَنْ يَكُ فِي الدُّنْيَا فَلا يَعْتِبَنَّهَا ... فَلَيْسَ عَلَيْهَا مَعْتَبٌ وَمَلامُ

أَجِدَّكَ مَا الدُّنْيَا وَمَاذَا مَتَاعُهَا ... وَمَا الَّذِي تَبْغِيهِ فَهُوَ حُطَامُ

تَشَكَّلَ فِيهَا كُلُّ شَيْءٍ بِشَكْلِ مَا ... يُعَانِدُهُ وَالنَّاسُ عَنْهُ نِيَامُ

تَرَى النَّقْصَ فِي زِيِّ الْكَمَالِ كَأَنَّمَا ... عَلَى رَأْسِ رَبَّاتِ الْحِجَالِ عِمَامُ

فَدَعْهَا وَنَعْمَاهَا هَنِيئًا لأَهْلِهَا ... وَلاتَكُ فِيهَا رَاعِيًا وَسَوَامُ

تَعَافُ الْعَرَانِينُ السِّمَاطَ عَلَى الْخِوَى ... إِذَا مَا تَصَدَّى لِلطَّعَامِ طَغَامُ

عَلَى أَنَّهَا لا يُسْتَطَاعُ مَنَالُهَا ... لِمَا لَيْسَ فِيهِ عُرْوَةٌ وَعِصَامُ

وَلَوْ أَنْتَ تَسْعَى إِثْرَهَا أَلْفَ حَجَّةٍ ... وَقَدْ جَاوَزَ الطِّبْيَيْنِ مِنْكَ حِزَامُ

رَجَعْتَ وَقَدْ ضَلَّتْ مَسَاعِيكَ كُلُّهَا ... بِخُفَى حُنَيْنٍ لا تَزَالُ تُلامُ

هَبِ إِنَّ مَقَاليدَ الأُمُورِ مَلَكْتَهَا ... وَدَانَتْ لَكَ الدُّنْيَا وَأَنْتَ هُمَامُ

وَمُتِّعْتَ بِاللَّذَاتِ دَهْرًا بِغِبْطَةٍ ... إليسَ بِحَتْمٍ بَعْدَ ذَاكَ حِمَامُ

فَبَيْنَ الْبَرَايَا وَالْخُلُودِ تَبَايُنٌ ... وَبَيْنَ الْمَنَايَا وَالنُّفُوسِ لِزَامُ

قَضِيَّةِ انْقَادَ الأَنَامُ لِحُكْمِهَا ... وَمَا حَادَ عَنْهَا سَيِّدٌ وَغُلامُ

ضرُورِيَّة تقضي الْعُقُولُ بِصِدْقِهَا ... سَلْ إِنْ كَانَ فِيهَا مِرْيَةٌ وَخِصَامُ

سَلْ الأَرْضَ عَنْ حَالِ الْمُلُوكِ الَّتِي خَلَتْ ... لَهُمْ فَوْقَ فَوْقَ الفرقدين مَقَامُ

<<  <  ج: ص:  >  >>