للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

" قِصَة "

لأُمِّ سَلَمَة وَمَا حَصلَ لَهَا مِنَ الأَذَى

اسْمَهَا هِنْدُ بنْتُ أَبِي أمية سَيِّدٌ مِنْ سَادَاتِ مَخْزُومٍ الْمَرْمُوقِينَ وَجَودًا يُقَالَ لَهُ زَادَ الرَّاكِبِ لأَنَّهُ إِذَا سَافَرَ لا يَتْرُكُ أَحَدًا يُرَافِقَهُ وَمَعَهُ زَادٌ بَلْ يَقُومُ بِرِفْقَتِهِ مِنَ الزَّادِ، وَزَوْجُ أُمِّ سَلَمَةَ عَبْدُ اللهِ بن عَبْدَ الأَسَدِ أَحَدُ الْعَشْرَةِ السَّابِقِينَ إِلَى الإِسْلامِ لَمْ يُسْلِمْ قَبْلَهُ إِلا أَبُو بَكْرٍ وَنَفَرٌ قَلِيلٌ.

أَسْلَمَتْ أُمُّ سَلَمَةَ مَعَ زَوْجِها فَكَانَتْ هِيَ الأُخْرَى مِنَ السَّابِقَاتِ إِلَى الإِسْلامِ، وَلَمَّا شَاعَ خَبَرُ إِسْلامِهَا هَاجَتْ قُرَيْشٌ وَجَعَلَتْ تَصُبُّ عَلَيْهِمَا الأَذَى الشَّدِيدِ، فَلَمْ يُؤَثِّرْ بِهِمَا وَلَمْ يُزَلْزِلْهُمَا وَلَمْ يَتَرَدَّدَا.

وَلَمَّا اشْتَدَّ عَلَيْهِمَا الأَذَى وَأَذِنَ النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم - لأَصْحَابِهِ بِالْهِجْرَةِ إِلَى الْحَبَشَةِ كَانَا فِي طَلِيعَةِ الْمُهَاجِرِينَ وَمَضَتْ أُمُّ سَلَمَةَ وَزَوْجُهَا إِلَى دِيَارِ الْغُرْبَةِ وَخَلَّفَتْ وَرَاءَهَا فِي مَكَّةٍ بَيْتَهَا الْفَسِيحِ الْعَالِي، وَعِزَّهَا الشَّامِخُ، وَأقْرِبَائِهَا وَمَالَهَا مُحْتَسِبَةً الأَجْرَ مِنَ الْعَلِيِّ الْعَظِيمِ مُحْتَقِرَةٌ مَا تَرَكَتْ فِي جَانْبِ مَرْضَاةِ اللهِ.

وَبِالرَّغْمِ مِمَّا حَصُلَ لأُمِّ سَلَمَةَ وَمَنْ هَاجَرَ مَعَهَا مِنَ الْحَفَاوَةِ وَالإِكْرَامِ وَالتَّقْدِيرِ، فقَدْ كَانَ الشَّوْقُ يَحْدُوهَا إِلَى مَهْبَطِ الْوَحْي وَإِلَى النَّبِيِّ الْكّرِيمِ.

ثُمَّ تَتَابَعَتْ الأَخْبَارِ عَلَى الْمُهَاجِرِينَ إِلَى أَرْضِ الْحَبَشَةِ بِأَنَّ الْمُسْلِمِينَ فِي مَكَّةَ قَدْ كَثُرُوا وَاقْتَوُوا وَعُزُّوا، وَأَنَّ إِسْلامَ حَمْزَةَ وَعُمَرَ بن الْخَطَّابِ قَدْ شَدَّ أَزْرَهُمْ وَكَفْكَفَ شَيْئًا مِنْ أَذَى قُرَيْشٍ عَنْ الْمُسْلِمِينَ.

فَعَزَمَ فَرِيقٌ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ عَلَى الْعَوْدَةِ إِلَى مَكَّةِ يَحْدُوهُمْ الشَّوْقُ وَيَدْعُوهُمْ الْحَنِينَ، فَكَانَتْ أُمُّ سَلَمَة وَزَوْجُهَا مَعَ الْعَازِمِينَ عَلَى الْعَوْدَةِ.

لَكْنْ سُرْعَانَ مَا تَبَيْنَ لِلْعَائِدِينَ أَنَّ مَا نُقِلَ لَهُمْ مِنَ الأَخْبَارِ أَنَّهُ كَانَ مُبَالَغًا

<<  <  ج: ص:  >  >>