للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولكن من لا يعرف البغض، فلن يعرف الحب ومن لا يكره إنسانًا عاصيًا هيهات أن يحب عبدًا مطيعًا إن تحب مؤمنًا بسبب إخلاصه وتقواه فَكَيْفَ لا تبغضه إِذَا زال عَنْهُ سبب الحب فانقلب فاجرًا متهتكًا، تعفو عمن ظلمك ولكن ما رأيك فيمن ظلم نَفْسهُ وظلم عباد الله، ما رأيك فِي الزناة هاتكي الأعراض، ومدني الخمر وشارَبِي الدخان وحالقي لحاهم، وأَهْل الخنافس والتشبه بأعداء الله أعداء الإِسْلام ومن يشهدون الزور ولا يشهدون صلاة الجماعة، ويغتصبون الحقوق ويؤذون العباد ويخونون الدين والْبِلاد هل تحبهم أَوْ تبغضهم لله فتش عَنْ قلبك وحاسب نفسك هل تحبهم فتعينهم على الظلم أم تبغضهم وتحقرهم وتنابذهم وتبتعد عنهم عَسَى أن يرجعوا عَنْ غيهم وبغيهم لا مفر من أَنْ يكون لَنَا أعداء نبغضهم فِي الله كما يكون لَنَا أصدقاء نحبهم فِي الله.

فيا عباد الله تقربوا إِلَى الله ببغض أَهْل المعاصي الظلمة والمنافقين كما تتقربون إليه بحب الصالحين، أشعروهم بمقتكم لآثامهم، وسخطكم على إجرامهم، ولا تتسامحوا فيما يمس الدين ولا تصفحون عمن يحارب رب العالمين، ولو كَانَ أقرب قريب.

قَالَ الله جَلَّ وَعَلا لأشرف الخلق {وَلَوْلاَ أَن ثَبَّتْنَاكَ لَقَدْ كِدتَّ تَرْكَنُ إِلَيْهِمْ شَيْئاً قَلِيلاً * إِذاً لَّأَذَقْنَاكَ ضِعْفَ الْحَيَاةِ وَضِعْفَ الْمَمَاتِ} ، أي لو ملت إليهم لأذقناك ضعف عذاب الحياة وضعف عذاب الْمَمَات أي ضاعفنا عَلَيْكَ الْعَذَاب فِي الدُّنْيَا والآخِرَة، لأن الذنب من العَظِيم يكون عقابه أشد من غيره.

ومن ثُمَّ يكون عقاب الْعُلَمَاء على زلاتهم أشد من عقاب غيرهم من العامة، لأنهم يقتدون بالْعُلَمَاء، روي عَنْ قتادة أنه قَالَ: لما نزل قوله تَعَالَى {وَإِن كَادُواْ لَيَفْتِنُونَكَ عَنِ الَّذِي أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ} .. إلخ، قَالَ - صلى الله عليه وسلم -: «اللَّهُمَّ لا تكلني إِلَى نفسي طرفة عين» .

<<  <  ج: ص:  >  >>