فَدَخَلَتْ الْمَرْأَةُ عَلَى زَوْجَةِ عُمَرَ فَاطِمَةَ وَهِيَ جَالِسَةِ فِي بَيْتِهَا وَفِي يَدِهَا قُطْنٌ تَُعَالِجُهُ فَسَلَّمَتْ الْمَرْأَةُ فَرَدَّتْ عَلَيْهَا فَاطِمَةُ السَّلامِ وَقَالَتْ لَهَا: أدْخُلِي.
فَلَمَّا جَلَسَتْ الْمَرْأَةُ رَفَعَتْ بَصَرَهَا فَلَمْ تَرَ فِي الْبَيْتِ شَيْئًا لَهُ باَلٍ وَذُو أَهمِيَّةٍ، فَقَالَتْ: إِنَّمَا جِئْتُ لأَعْمُرَ بَيْتِي مِنْ هَذَا الْبَيْتِ الْخَرَابِ قَالَتْ فَاطِمَةُ: إِنَّمَا خَرَّبَ هَذَا الْبَيْتَ عِمَارَةُ بُيُوتِ أَمْثَالِكِ فَأَقْبَلَ عُمَرُ حَتَّى دَخَلَ الدَّارَ فَسَلَّمَ وَدَخَلَ بَيْتَهُ فَمَالَ إِلى مُصَلّى كَانَ لَهُ فِي الْبَيْتِ يُصَلِّي فِيهِ.
فَسَأَلَ فَاطِمَةُ عَن الْمَرْأَةِ فَقَالَتْ: هِيَ هَذِهِ فَأَخَذَ مِكْتَلاً لَهُ فِيهِ شَيْءٌ مِنْ عِنَبٍ فَجَعَلَ يَتَخَيَّرُ لَهَا أَحْسَنَهُ يُنَاوِلُهَا إِيَّاهُ ثُمَّ أَقْبَلَ عَلَيْهَا فَقَالَ: مَا حَاجَتُكِ؟
فَقَالَتْ: امْرَأَةٌ مِنْ أَهْلِ الْعِرَاقِ لِي خَمْسُ بَنَاتٍ كُسُلٍ كُسُدٍ فَجِئْتُكَ ابْتَغِي حُسْنَ نَظَرِكَ لَهُنَّ، فَجَعَلَ يَقُولُ: كُسُلٌ، كُسُدَ وَيَبْكِي فَأَخَذَ الدَّوَاةَ وَالْقِرْطَاسَ وَكَتَبَ إِلى وَالي الْعِرَاقِ فَقَالَ: سَمِّي أَكْبَرَهُنَّ فَسَمتها فَفَرَضَ لَهَا فَقَالَتْ الْمَرْأَةُ: الْحَمْدُ للهِ.
ثُمَّ سَأَلَهَا عَنْ اسْمِ الثَّانِيَةِ وَالثَّالِثَةِ وَالرَّابِعَةِ وَالْمَرْأَةُ تَحْمَدُ اللهَ فَفَرَضَ لَهَا فَلَمَّا فَرَضَ لِلأَرْبَعْ اسْتَفَزَّهَا الْفَرَحُ فَدَعَتْ لَهُ فَجَزَتْهُ فَرَفَعَ يَدَهُ وَقَالَ: قَدْ كُنَّا نَفْرِضُ لَهُنَّ حِينَ كُنْتِ تُولِينَ الْحَمْدَ أَهْلَهُ فَمُرِي هَؤُلاءِ الأَرْبَعَ يُفِضْنَ عَلَى هَذِهِ الْخَامِسَةِ.
فَخَرَجَتْ بِالْكِتَابِ حَتَّى أَتَتْ بِهِ الْعِرَاقَ فَدَعَتْهُ إِلى وَالي الْعِرَاقِ فَلَمَّا دَفَعَتْ إِلَيْهِ الْكِتَابَ بَكَى وَاشْتَدَّ بُكَاؤُهُ وَقَالَ: رَحِمَ اللهُ صَاحِبَ هَذَا الْكِتَابِ فَقَالَتْ: أَماَت َ؟ قَالَ: نَعَمْ فَصَاحَتْ وَوَلْوَلَتْ فَقَالَ: لا بَأْسَ عَلَيْكِ مَا كُنْتُ لأَرُدَّ كِتَابَهُ فِي شَيْءٍ فَقَضَى حَاجَتَهَا وَفَرَضَ لِبَنَاتِهَا.
وَأَرْسَلَ عَطَاءُ إِلى فَاطِمَةَ بِنْتَ عَبْدِ الْمَلِكِ أَخْبِرينِي عَنْ عُمَرَ قَالَتَ: أَفْعَلُ. إِنَّ عُمَرَ رَحْمَةُ اللهِ عَلَيْهِ كَانَ قَدْ فَرَّغَ لِلْمُسْلِمِينَ نَفْسَهُ وَلأُمُورِهِمْ فَكاَنَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute