للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عَبْدِ الْمُطَّلِبِ ثَلاثَةً، العَبَّاسُ، وَعَقِيلٌ، وَنَوْفَلُ بن الْحَرثِ.

وَذَكَرَ الطَّبَرَانِي عَنْ رِفَاعَةَ بن رَافِعٍ قَالَ: لَمَّا رَأَى إِبْلِيسُ مَا يَفْعَلُ الْمَلائِكَةُ بِالْمُشْرِكِينَ يَوْمَ بَدْرٍ أَشْفَقَ أَنْ يَخْلُصَ القَتْلُ إِلَيْهِ، فَتَشَبَّثَ بِهِ الْحَرْثَ بن هِشَامٍ هَارِبًا، حَتَّى أَلْقَى نَفْسَهُ في البَحْرِ وَرَفَعَ يَدَيْهِ، وَقَالَ: اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ نَظْرَتَكَ إِيَّاي، فَأَقْبَلَ أَبُو جَهْلٍ بنُ هِشَامٍ فَقَالَ: يَا مَعْشَرَ النَّاسِ لا يَهْزِمَنَّكُمْ خَذْلانُ سُرَاقَةَ إِيَّاكُم، فَإِنَّهُ كَانَ عَلَى مِيعَادٍ مِنْ مُحَمَّدٍ، وَلا يَهُولَنَّكُم قَتْلُ عُتْبَةَ، وَشَيْبَةَ، وَالْوَلِيد، فَإِنَّهُمْ قَدْ عَجَّلُوا فَوَالَّلاتِ وَالعُزَّى لا نَرْجِعُ حَتَّى نَقْرِنَهُم بِالْحِبَالِ، وَلا أَلْفَيْنَ رَجُلاً مِنْكُمْ قَتَلَ مِنْهُمْ رَجُلاً، وَلَكِنْ خُذُوهُمْ أَخَذَا، حَتَّى نَعْرِفَهُمْ سُوءَ صَنِيعِهِمْ، وَلا تَزَالُ تُضَاعفُ شَجَاعَةُ الْمُسْلِمِينَ وَتَزْدَادُ قُوَاهُمُ الْمَعْنَوِيَّةِ وَالْحِسِّيَةُ وَتَزْدَادُ حَمَاسَتُهُمْ، حَتَّى لَيُحِسُّ الوَاحِدَ مِنْهُمْ أَنَّهُ كُفْءٌ لِعَشْرَةٍ مِنْ الْمُشْرِكِينَ، وَتَضَاءَلَتْ فِي أَعْيُن الْمُؤْمِنِينِ كَثْرَةُ الْمُشْرِكِينَ، فَجَعَلُوا يَفْتَرِسُونَهُمْ كَمَا تَفْتَرِسُ الذِّئَابُ الْغَنَمِ، وَيَكْتَسِحُونَهُمْ كَمَا يَكْتَسِحُ السَّيْلُ الْغُثَاءَ، وَانْعَقَدَ فَوْقَ الْمَعْرَكَةِ جَوٌّ رَهِيبٌ، مَلأَ قُلُوبَ الْمُشْرِكِينَ بِالرُّعْبِ، كَمَا مَلأَ قُلُوبَ الْمُؤْمِنِينَ بِالقُوَّةِ وَالثَّبَاتِ مِن اللهِ العَزِيزِ الْحَكِيم.

وَرُوِيَ أَنَّ خُبَيْبَ بن يَسَافٍ كَانَ رَجُلاً شُجَاعًا، وَكَانَ يَأْبَى الإِسْلامَ، فَلَمَّا خَرَجَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْه وَسَلَّمَ إِلى بَدْرٍ، خَرَجَ هُوَ وَقَيْسُ بن مُحْرِثٍ، فَعَرَضَا عَلَى رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ يَخْرُجَا مَعَهُ، فَقَالَ: «لا يَخْرُجْ مَعَنَا رَجُلٌ لَيْسَ عَلَى دِينِنَا» . فَقَالَ خُبَيْبٌ: قَدْ عَلِمَ قَوْمِي أَنِّي عَظِيمُ الغِنَاءِ في الْحَرْبِ، فَأقَاتِلُُ مَعَكَ لِلْغَنِيمَةِ، قَالَ: «لا، وَلَكِنْ أَسْلَمَ ثُمَّ قَاتلَ» .

اللَّهُمَّ يا فالقَ الْحَبِّ وَالنَّوَى، يا مُنْشِئَ الأجْسَادِ بَعْدَ البلَى يا مُؤْوي المنْقَطِعِينَ إِليْه، يا كَافِي المُتَوَكِّلينَ عليه، انْقَطَعَ الرَّجَاءُ إلا مِنْكَ، وخابَتِ الظُنُونُ إلا فِيكَ، وضَعُفَ الاعْتمادُ إِلا عَلَيْكَ نسألُكَ أنْ تُمْطَرَ مَحْلَ قُلُوبِنَا

<<  <  ج: ص:  >  >>