للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ثم حضرته صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ المنية وأيقن بالموت وله عم أخو أبيه هو أحب الناس إليه وابن عم هو من أخص الناس به وهو أيضاً زوج ابنته وكلاهما عنده من الفضل والدين والسياسة في الدنيا والبأس والحلم وخلال الخير ما كان كل واحد منهما حقيقاً بسياسة العالم كله فلم يحابهما وهما من أشد الناس محبة فيه وهو من أحب الناس فيهما.

إذ كان غيرهما متقدماً لهما في الفضل قاصداً أتباع ما أمر به صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.

ولم يورث ورثته ابنته ونساءه وعمه فلساً فما فوقه وهم كلهم أحب الناس إليه وأطوعهم له، وهذه أمور لمن تأملها كافية مغنية في أنه إنما تصرف بأمر الله تعالى له لا بسياسة ولا بهوى فوضح بما ذكرنا ولله الحمد كثيراً أن نبوة مُحَمَّد صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حق وأن شريعته التي أتى بها هي التي وضحت براهينها واضطرت دلائلها إلى تصديقها والقطع على أنها الحق الَّذِي لا حق سواه وأنها دين الله تعالى الَّذِي لا دين له في العالم غيره انتهى كلامه رحمه الله تعالى.

هذه قصيدة جميلة أزلنا ما فيها من الغلو وعوضنا عنه ما بين الأقواس:

كَأَنَّ نُجُومًا أَوْ مَضَتْ فِي الْغَيَاهِبِ

عُيُونُ الأَفَاعِي أَوْ رُؤُوسُ الْعَقَارِبِ

إِذَا كَانَ قَلْبُ الْمَرْءِ فِي الأَمْرِ حَائِرًا

فَأَضْيَقُ مِنْ تِسْعِينَ رَحْبُ السَّبَاسِبِ

وَتَشْغَلُنِي عَنِّي وَعَنْ كُلِّ رَاحَتِي

مَصَائِبُ تَقْفُوا مِثْلَهَا فِي الْمَصَائِبِ

إِذَا مَا أَتَتْنِي أَزْمَةٌ مُدْلَهِمَّةٌ

تُحِيطُ بِنَفْسِي مِنْ جَمِيعِ الْجَوَانِبِ

تَطَلَّبَْتُ هَلْ مِنْ نَاصِرٍ أَوْ مُسَاعِدٍ

أَلُوذُ بِهِ مِنْ خَوْفِ سُوءِ الْعَوَاقِبِ

<<  <  ج: ص:  >  >>