للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

{قَالَ آمَنتُ أَنَّهُ لا إِلِهَ إِلاَّ الَّذِي آمَنَتْ بِهِ بَنُو إِسْرَائِيلَ وَأَنَاْ مِنَ الْمُسْلِمِينَ} ، قَالَ اللهُ تَعَالَى مُبَيِّنًا أَنَّ هَذَا الإيمَانَ فِي هَذِهِ الحَالَةِ غَيْرُ ناَفِع {آلآنَ وَقَدْ عَصَيْتَ قَبْلُ وَكُنتَ مِنَ الْمُفْسِدِينَ} وَقَالَ تَعَالَى مُخْبِرًا عَنْ أَمْثَالِ فِرْعَوْنِ مِمَّنْ عَايَنُوا بِأسَ اللهِ وَأَدْرَكُوا الغُرُورَ وَاعْتَرَفُوا بِمَا كَانُوا يُْنِكرُونَ، وَأَقَّرُوا بِوْحَدَانِيَّةِ اللهِ، وَكَفَرُوا بِشُرَكَائِهِم مِنْ دُونِهِ، وَلَكِن الأَوَانَ كَانَ قَدْ فَاتَ: {فَلَمَّا رَأَوْا بَأْسَنَا قَالُوا آمَنَّا بِاللَّهِ وَحْدَهُ وَكَفَرْنَا بِمَا كُنَّا بِهِ مُشْرِكِينَ * فَلَمْ يَكُ يَنفَعُهُمْ إِيمَانُهُمْ لَمَّا رَأَوْا بَأْسَنَا سُنَّتَ اللَّهِ الَّتِي قَدْ خَلَتْ فِي عِبَادِهِ} ذَلِكَ أَنَّ سُنَّةَ اللهِ قَدْ جَرَتْ عَلَى أَنْ لا تُقْبَلَ التَّوْبَةُ بَعْدَ ظُهُورِ بَأْسِ اللهِ فَهِيَ تَوْبَةُ فَزَعٍ وَخَوْفٍ، لا تَوْبَةُ إِيمَانٍ صَحِيحٍ.

شِعْرًا: ... وَلَمَّا دَنَى مِنِّي السِّيَاقُ تَعَطَّفَتْ

عَلَيَّ وَعِنْدِي عَنْ تَعَطُّفِهَا شُغْلُ

أَتَتْ وَحِيَاضُ المَوْتِ بَيْنِي وَبَيْنِهَا

وَجَادَتْ بِوَصْلٍ حِينَ لا يَنْفَعُ الوَصْلُ ... >?

وَهَذِهِ سُنَّةُ اللهِ فِي جَمِيعِ الكُفَّارِ، إِذَا وَصَلُوا إِلَى هَذِهِ الحَالَةِ الاضْطِرَارِيَّةِ أَنَّهُ لا يَنْفَعُهُمْ الإيمَانُ، لأَنَّ إِيمَانَهُم صَارَ مُشَاهِدًا كَإِيمَانِ الوَارِدِينَ عَلَى القِيَامَةِ، وَالذِي يَنْفَعُ الإيمَانُ بِالغَيْبِ كَمَا قَالَ تَعَالَى: {الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ} فَالشَّأْنُ فِي الإيمَانُ بِالغَيْبِ الذِي لَمْ يُرَ وَلَمْ يُشَاهَدْ وَإِنَّمَا نُؤْمِنُ بِهِ لِخَبَرِ اللهِ وَخَبَرِ رَسُولِهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.

فَعَنْ أَبِي العَإليةَ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: {يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ} ، قَالَ: يُؤْمِنُونُ بِاللهِ وَمَلائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ واليوم الآخِرِ، وَجَنَّتِهِ وَنَارِهِ، وَلِقَائِهِ، وَيُؤْمِنُونَ بِالحَيَاةِ بَعْدَ المَوْتِ، وَبِالبَعْثِ فَهَذَا غَيْبٌ كُلُّهُ. أ. هـ. قَالَ فِي لَوَائِحَ الأَنَوْارَ: فَيَتَخَلَّصُ مِنْ مَجْمُوعِ الأَحَادِيثِ المَذْكُورَةِ وَمَا

<<  <  ج: ص:  >  >>