للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الزِّحَامِ، وَاخْتِلافِ الأقْدَامِ، وَانْضَافَ إِلَى ذَلِكَ شِدَّةُ الخَجَلِ وَالحَيَاءِ، وَالخَوْفِ مِنَ الفَضَائِحِ وَالاخْتِزَاءِ عِنْدَ العَرْضِ عَلَى الجَبَّارِ، وَقُرْبُ الشَّمْسُ مِنَ الخَلْقِ فَيَبْلُغُ عَرَقُهم فِي الأَرْضِ سَبْعِينَ ذِرَاعًا، كَمَا فِي حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ الذِي رَوَاهُ مُسْلِمٌ:

قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «يَعْرَقُ النَّاسُ يَوْمَ القِيَامَةِ حَتَّى يَذْهَبَ عَرَقُهُم فِي الأَرْضِ سَبْعِينَ ذِرَاعًا» .

شِعْرًا: ... يَضْحَكُ المَرْءُ وَالبُكَاءُ أَمَامَهُ ... وَيَرْومُ البَقَاءِ وَالمَوْتُ رَامَهْ

وَيَمْشِي الحَدِيثُ فِي كُلِّ لَغْوٍ ... وَيُخْلَى حَدِيثُ يَوْمَ القِيَامَةِ

وَلأمْرٌ بَكَاهُ كُلُّ لَبِيبٍ ... وَنَفَى فِي الضَّلامِ عَنْهُ مَنَامَهْ

صَاحِ حَدِّثْ حَدِيثَهُ وَاخْتَصرْهْ ... فَمُحَالٌ بِأَنْ تُطِيقُ تَمَامَهْ

عَجَزَ الوَاصِفُونَ عَنْهُ فَقَالُوا ... لَمْ نَجِي مِنْ بِحَارِهِ بِكُضَامَهْ

فَلْتُحَدِّثْهُ جُمْلَةً وَشَتَاتًا ... وَدَعْ الآنَ شَرْحَهُ وَنِظَامَهْ

آخر: ... وَكَيْفَ يَلَذُّ العَيْشَ مَنْ هُوَ مُوقِنٌ ... بِمَوْقِف عَدْلٍ يَوْمَ تُبْلَى السَّرَائِرُ

كَأَنَّا نَرَى أَنْ لا نَشُورَ وَأَنَّنَا ... سُدَى مَا لَنَا بَعْدَ المَمَاتِ مَصَادِرُ

أَلا لا وَلَكِنَّا نَغُرُّ نُفُوسَنَا ... وَتَشْغَلُنَا اللذَّاتِ عَمَّا نُحَاذِرُ

فَصْلٌ: وَتَأَمَّلْ صِفَةَ يَوْمِ القِيَامَةِ وَدَوَاهِيهِ، لَعَلَّكَ أَنْ تَسْتِعِدَّ لَهُ قَبْلَ أَنْ تُفَارِقَ الرُّوحُ البَدَنَ، وَيُحَالُ بَيْنَكَ وَبَيْنَ الأَعْمَالِ الصَّالِحَاتِ، وَتَنْدَم حِينَ لا يَنْفَعُكَ النَّدَمُ، فَإِنَّ فِي ذَلِكَ اليوم الرَّهِيبُ تَنْفَطِرُ السَّماَءُ وَالكَوَاكِبُ تَنْتَثِرُ، وَالبِحَارُ تُفَجَّرُ وَالنُّجُومُ تَنْكَدِرُ، وَالشَّمْسُ تُكَوَّرُ وَالجِبَالُ تُسَيَّرُ، وَالعِشَارُ

<<  <  ج: ص:  >  >>