ومن فاته هَذَا العلم النافع وقع فِي الأربع التي استعاذ منه النَّبِيّ ?، وصار علمه وبإلا وحجةً عَلَيْهِ فلم يتنفع به.
لأنه لم يخشع قَلْبهُ لربه ولم تشبع نَفْسهُ من الدُّنْيَا، بل ازداد حرصاً عَلَيْهَا وطلباً لها، ولم يسمَع دعاؤه، لعدم امتثاله لأوامر ربه، وعدم اجتنابه لما يسخطه ويكرهه.
هَذَا إن كَانَ علمه عِلماً يمكن الانتفاع به وَهُوَ المتلقي عن اْلكِتَاب والسنة.
فإن كَانَ متلقي من غَيْر ذَلِكَ فهو غَيْر نافع فِي نَفْسه ولا يمكن الانتفاع به بل ضرره أكثر من نفعه.
وعلامة هَذَا العلم الَّذِي لا ينفع أن يكسب صاحبه الزهو والفخر والخيلاء وطلب العلو والرفعة فِي الدُّنْيَا والمنافسة فيها وطلب مباهاة العلماء ومماراة السفهاء ويصرف به وجوه النَّاس
وقَدْ ورد عن النَّبِيّ ? أن من طلب العلم ليجاريَ به العلماء أو ليماريَ به السفهاء ويصرف به وجوه النَّاس أدخله الله النار.
ولبعض العلماء:
يَقُولُونَ لِي هَلاَّ نَهَضَتَ إِلى العُلاَ ... فَمَا لَذَّ عَيْشُ الصَّابِرِ المُتَقَنِّعِ
وَهَلاَ شَدَدْتَ العِيْسَ حَتَى تَحُلَّها ... بِمِصْرٍ إِلى ظِلِ الجَنَابِ المُرَفِعِ
فَفِيها قُضَاةٌ لَيْسَ يَخْفَى عَلَيْهُمُوا ... تَعَيَّنُ كَوْنَ العِمْ ِغَيْرَ مُضَيَّعِ
وَفِيها شُيُوخُ الدِيْنِ وَالفَضْلِ وَالأوْلَى ... يُشِيْرُ إِليْهِمْ بَالعُلاَ كُلُّ أُصْبُعِ
وَفِيها وَفِيها وَالمَهَانَةُ ذِلَّةٌ ... فَقُمُ واسْعَ وَاقْصِدْ بَابَ رِزْقِكَ وَاقْرَعِ
فقُلْتُ نَعْمْ أَسْعَى إِذَا شِئْتُ أَنْ أُرِى ... ذَلِيْلاً مُهَاناً مُسْتَخَفاً بِمَوَضِعِي
وَأَسْعَى إِذَا مَا لَذَّ لي طُوْلُ مَوْقِفِي ... عَلَى بَابِ مَحْجُوْبِ اللِقَاءِ مُمَنَّعِ
وَأَسْعَى إِذَا كَانَ النِفَاقُ طَرِيْقَتِي ... أَرُوْحُ وَأَغْدُوْ فِي ثِيَابِ التَّصَنُّعِ
وَأَسْعَى إِذَا لم يَبْقَ فِي بَقِيَّةٌ ... أُرَاعِيْ بِهَا حَقَّ التُّقَى وَالتَّوَرُعِ