خَالِصًا مِنْ قَلْبِهِ حَرَّمَهُ اللهُ عَلَى النَّارِ» .
وَأَمَّا كَلِمَةُ الاسْتِغْفَارُ فَمِنْ أَعْظَمُ أَسْبَابِ المَغْفِرَةْ. فَإِنَّ الاسْتِغْفَارَ دُعَاءٌ بِالمَغْفِرَةِ، وَدُعَاءُ الصَّائِمِ إِذَا اجْتَمَعَتْ لَهُ الشُّرُوطُ وَانَتَفَتْ المَوَانِعَ مُسْتَجَابٌ حَالَ صِيَامِهِ وَعِنْدَ فِطْرِهِ.
وَفِي حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ: (وَيَغْفِرُ اللهُ إِلا لِمَنْ أَبِى، قَالُوا: يَا أَبَا هُرَيْرَةَ وَمَنْ يَأْبَى؟ قَالَ: يَأْبَى أَنْ يَسْتَغْفِرَ اللهُ) .
وَقَالَ لُقْمَانُ لابْنِهِ: يَا بُنَيَّ عَوِّدْ لِسَانِكَ الاسْتِغْفَارَ، فَإِنَّ لِلَّهِ سَاعَاتٍ لا يَرُدُّ فِيهِ سِائِلاً، وَقَدْ جَمَعَ اللهُ بَيْنَ التَّوْحِيدِ والاسْتِغْفَارِ في قَوْلِهِ: {فَاعْلَمْ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَاسْتَغْفِرْ لِذَنبِكَ} .
وَفِي بَعْضِ الآثَارْ: أَنَّ إِبْلِيسَ قَالَ: أَهْلَكْتُ النَّاسَ بِالذُّنُوبِ وَأَهْلَكُونِي بِالاسْتِغْفَارِ، وَلا إِلَهَ إِلا اللهُ.
وَالاسْتِغْفَارُ خِتَامُ الأَعْمَال الصَّالِحَةِ كُلِّهَا فَيُخْتَمُ بِهِ الصَّلاةُ، والحَجُّ، وَالْقِيامُ في اللَّيْلِ، وَيُخْتَمُ بِهِ المَجَالِسُ، فَإِنْ كَانَتْ ذِكْرًا كَانَ كَالطَّابِعَ عَلَيْهَا وَإْنِ كَانَتْ لَغْوًا كَانَ كَفَّارَةٌ لَهَا، فَكَذَلِكَ يَنْبِغِي أَنْ يُخْتَتَم صِيَامُ رَمَضَانَ بالاسْتِغْفَارِ يُرَفِّعُ مَا تَخَرَّقَ مِنَ الصِّيَامِ بِاللَّغْوِ وَالرَّفَثِ (وَيَجْتَهِدُ في الإِكْثَارِ مِنَ الأَعْمَالِ وَالتَّقَلُّلِ مِنَ شَوَاغِلِ الدُّنْيَا وَالإِقْبَالِ عَلَى الآخِرَةِ مَا دَامَ في قَيْدِ الحَياَةِ) .
وَمِنْ عِظَةِ الحَسَنَ الْبَصْرِي لِعُمَرَ بنُ عَبْدِ العَزِيزِ: أَمَّا بَعْدُ فَإِنَّ الدُّنْيَا دَارُ ظَعَنِ لَيْسَتْ بَدَارَ إِقَامَة، لَهَا فِي كُلِّ حِينٍ قَتِيلٍ تُذِلَّ مِنْ أَعَزَّهَا وَتُفْقِرُ مَنْ جَمَعَهَا هِيَ كَالسُّمِّ يَأْكُله مَنْ لا يَعرِفُهُ وَفِيهِ حَتْفُهُ فَكُنْ فِيهَا كَالمُدَاوِي جِرَاحُهُ يَحْتَمِي قَلِيلاً مَخَافَةَ مَا يَكْرَهُ طَوِيلاً وَيَصْبِرُ عَلَى شِدَّةِ الدَّوَاءِ مَخَافَةِ طُولِ الدَّاءِ، فَاحْذَرْ هَذِهِ الدُّنْيَا الخَدَّاعةَ الغَدَّارَةَ الخَتَّالَةَ التِي قَدْ تَزَيَّنَتْ بِخِدَعِهَا وَقَتَلَتْ بَغُرُورِهَا وَتَحَلَّتْ بِآمَالَهَا وَسَوَّفَتْ بِخُطَّابِهَا.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute