للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فإن التملق الَّذِي هُوَ القول الحسن مَعَ خبث الْقَلْب، مصائد العقول، والنفاق تدلَيْسَ الفطن، والملق والنفاق سجيتا المتصنع، ولَيْسَ فيمن يكون النفاق والملق سجاياه خَيْر يرجى، ولا صلاح يؤمل بل الشَّر والأَذَى فيه، فليكن اللبيب فطنًا حاذقًا، صَاحِب فراسة لا يُحْسِنُ الظَّنَّ بكل أحد.

شِعْرًا: ... فَلا تُلْزِمَنَّ النَّاسَ غَيْرَ طِبَاعِهِمْ ... فَتَتْعَبَ مِنْ طُول الْعِتَاب وَيَتْعَبُوا

فَتَارِكْهُمُ مَا تَارَكُوكَ فَإِنَّهُمْ ... إلى الشَّرِ مُذْ كَانُوا عَنْ الْخَيْرِ أَقْرَبُ

وَلا تَغْتَررُ مِنْهُمْ بِحُسْنِ بَشَاشَة ... فَأَكْثَرُ إِيمَاضِ الْبَوَارق خُلَّبُ

آخر: ... وَصَاحِبٌ لِي كَدَّاءِ الْبَطْنِ صُحْبَتُهُ ... يَوَدَّنِي كَوِدَادِ الذِّئْبِ لِلرَّاعِي

يُثْنِي عَليَّ جَزَاهُ اللهُ صَالِحَةً ... ثَنَاءَ هِنْدٍ عَلَى رَوْحِ بنِ زِنْبَاعِ

شِعْرًا: ... إِنِّي لأَعْرِفُ فِي الرِّجَالِ مُخَادِعًا ... يُبْدِي الصَّفَاءَ وَوِدُّهُ مَمْذُوقُ

مِثْلُ الْغَدِيرِ يُرِيك قُرْبَ قَرَارِهِ ... لِصَفَائِهِ وَالْقَعْرُ مِنْهُ عَمِيقُ

آخر: ... رَعَى اللهُ إِخْوَانَ التَّمَلُّقِ إِنَّهُمْ ... رَعَى اللهُ إِخْوَانَ التَّمَلُّقِ إِنَّهُمْ

فَلَوْ وَفوا كَنَّا أُسَارَى حُقُوقِهِمْ ... تَرَاوحُ مَا بَيْنَ النَّسِيئَةِ وَالنَّقْدِ

وقَالَ الحكماء: اعرف الرجل من فعله، لا من كلامه، وأعرف محبته من عينيه، لا من لِسَانه، وعَلَيْكَ بمن حالاه فِي العسر، واليسر واحدة أي يحبك كُلّ حين، سواء كنت غنيًا أَوْ فقيرًا أما إِخْوَان الرخاء فاتركهم. قَالَ بَعْضُهُمْ:

وَلا خَيْرَ فِي وَدِّ امْرِئٍ مُتَلَوّنٍ ... إِذَا الرِّيحُ مَالَتْ مَالَ حَيْثُ تَمِيلُ

جَوَّادٌ إِذَا اسْتَغْنَيْتَ عَنْ أَخْذِ مَالِهِ ... وَعِنْدَ احْتِمَالِ الْفَقْرِ عَنْكَ بِخَيْلُ

فَمَا أَكْثَرُ الإِخْوَانِ حِينَ تَعَدُّهُمْ ... وَلَكِنَّهُمْ فِي النَّائِبَاتِ قَلِيلُ

على أن الإِنْسَان موسوم بسمَاتَ من قارب، ومنسوب إليه أفاعيل من صَاحِب، قَالَ - صلى الله عليه وسلم -: «المرء مَعَ من أحب» . وقَالُوا: ما من شَيْء أدل على شَيْء من الصَاحِب على صاحبه وقديمًا قِيْل:

<<  <  ج: ص:  >  >>