فَاتَّقِ اللهَ فَإِنَّكَ مَيْتٌ وَحْدُكَ وَمُحَاسَبٌ وَحْدُكَ وَمَبْعُوثٌ وَحْدُكَ وَلَنْ يُغْنُوا عَنْكَ هَؤُلاءِ مِنْ رَبِّكَ شَيْئًا.
فَقَالَ لَهُ: أَعِنِّي بِأَصْحَابِكَ فَأَسْتَعِينُ بِهُمْ دُونَ هَؤُلاءِ فَرَدَّ عَلَيْهِ: أَظْهِرِ الْحَقَّ يَتْبَعُكَ أَهْلُهُ.
فَقَالَ لَهُ: أَلَكَ حَاجَةٌ قَالَ: نَعَمٌ. قَالَ: مَا هِيَ؟ قَالَ: أَن لا تَبْعَثَ إِلَيَّ حَتَّى آتِيكَ. قَالَ: إِذَا لا نَلْتَقِي. قَالَ: عَنْ حَاجَتِي سَأَلْتَ ثُمَّ ذَهَبَ.
قَالَ الْحَجَّاجُ لِيَحْيَى بن يَعْمُرٍ: مَا تَقُولُ فِي وَاسِطٍ (مَدِينَةٌ بَنَاهَا الْحَجَّاجُ) فَقَالَ لَهُ: مَا أَقُولُ فِيهَا وَقَدْ بَنَيْتَهَا مِنْ غَيْرِ مَالِكَ وَسَيَسْكُنُهَا غَيْرُ أَهْلِكَ.
فَقَالَ لَهُ الْحَجَّاجُ فِي غَيْظٍ وَغَضَبٍ: مَا حَمَلَكَ عَلَى مَا قُلْتَ. قَالَ: مَا أَخَذَ اللهُ تَعَالَى عَلَى الْعُلَمَاءِ مِنَ الْعَهْدِ أَلا يَكْتُمُوا النَّاسَ حَدِيثًا.
فَقَالَ لَهُ: أَلَمْ تَخْشَ سَيْفَ الْحَجَّاجِ؟
فَقَالَ: لَقَدْ مَلأَتْنِي خَشْيَة اللهِ جَلَّ وَعَلا فَلَمْ تَدَعْ مَكَانًا لِخَشْيَةِ سِوَاهُ.
وَقِيلَ: إِنَّ الْحَجَّاجَ خَطَبَ يَوْمًا فَقَالَ: أَيُّهَا النَّاسُ الصَّبْرُ عَنْ مَحَارِمِ اللهِ أَيْسَرُ مِنَ الصَّبْرِ عَلَى عَذَابِ اللهِ. فَقَامَ إِلَيْهِ رَجُلٌ فَقَالَ لَهُ: وَيْحُكَ يَا حَجَّاجٌ مَا أَصْفَقَ وَجْهكَ وَأَقَلَ حَيَاءكَ تَفْعَلُ مَا تَفْعَلُ وَتَقُولُ مِثْلَ هَذَا الْكَلامِ خبأتَ وَضَلَّ سَعْيُكَ.
فَقَالَ لِلْحَرَس: خُذُوهُ، فَلَمَّا فَرَغَ مِنْ خِطْبَتِهِ قَالَ لَهُ: مَا الَّذِي جَرَّأَكَ عَلَيَّ؟ فَقَالَ: وَيْحَكَ يَا حَجَّاجُ أَنْتَ تَجْتَرِئُ عَلَى اللهِ وَلا أَجْتَرِئُ عَلَيْكَ وَمَنْ أَنْتَ حَتَّى لا أَجْتَرِئُ عَلَيْكَ وَأَنْتَ تَجْتَرِئُ عَلَى رَبِّ الْعَالَمِينَ؟ فَقَالَ: خَلُّوا سَبِيلَهُ. فَأُطْلِقَ.
وَدَخَلَ الْعِزُّ بن عَبْد السَّلام عَلَى السُّلْطَانِ فَوَعَظَهُ وَشَدَّدَ فِي الْمَوْعِظَةِ فَعَاتَبَهُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute