اعْلم وفقنا الله وَإِيَّاكَ وَجَمِيع المُسْلِمِيْنَ وجنبنا وَإِيَّاكَ وإياهم كُلّ خلق رذيل: أن مِمَّا يتأكد اجتنابه فِي رمضان وفِي غيره الْغَضَب إلا أن تنتهك محارم الله فيغضب لما يغضب الله ويملك نَفْسهُ فيما عدا ذَلِكَ إلا أن يبغي عَلَيْهِ وتعريف الْغَضَب أنه قوة أودعها الله فِي الإنسان تثور من باطنه فتحمله عَلَى الدفاع عما يحبه من الأغراض وتدفعه إلي البطش بكل ما يؤذيه فإِذَا اعتدي عَلَيْهِ معتد أو حيل بينه وبين أغراضه تثور تلك القوة فيغلي دمه وينتشر فِي العروق ويرتفع إلي أعالي البدن فيظهر أثره عَلَى الوجه والعينين.
والْغَضَب من مداخل الشيطان إلي قلب الإنسان فإن الْغَضَب غول العقل وإِذَا ضعف جند العقل هجم جند الشيطان ومهما غضب الإنسان لعب الشيطان به كما يلعب الصبية بالكرة.
وللغضب ثلاث درجات: أولاً درجة الاعتدال وَذَلِكَ بأن يغضب ليدفع عن دينه أو نَفْسهِ أو ماله أو يغضب ليدافع عن الحقوق العامة ونصرة المظلومين وتلك الحالة هِيَ التي من أجلها خلق الله الْغَضَب فهو مخلوق لحكمة ولولا أن الله جعل ذَلِكَ فِي الإنسان لفسدت الأرض بانتشار الفوضي وتقويض دعائم النظم الاجتماعية والدينية لأن من لا يغضب لعرضه لا يغار لنسائه فتختلط الإنساب وتعم الفوضي فِي ذَلِكَ الْبَاب ويصبح الإنسان