يمشي فاشتد عليه العطش فنزل بئرًا فشرب مِنْهَا ثم خرج فإذا هو بكلب يلهث يأكل الثرى من العطش فقال: لقد بلغ هذا مثل الذي بلغ بي فملأ خفه ثم أمسكه بفيه ثم رقى فسقى الكلب فشكر الله له فغفر له» . قالوا: يا رسول الله وإن لنا فِي البهائم أجر؟ قال:«فِي كل كبد رطبة أجر» . والله أعلم. وصلى الله على محمد.
(فَصْلٌ)
اعلم وفقنا الله وإياك لما يحبه ويرضاه أن للجار على جاره حق عظيم فِي الأديان كلها والشرائع والأوضاع كافة، والعرب كَانَوا يعظمون حق الجار ويحترمون الجوار فِي الجاهلية قبل الإسلام، ويعتزون بثناء الجار عليهم ويفخرون بذلك، والضعيف إذا جاور القوي صار قويًّا بإذن الله، له مَا لهم وعليه مَا عليهم، وحين جاء الإسلام أعزه الله وأكد حق الجوار وحث عليه وجعله بعد القرابة وكاد يورثه.
والجار يطلق ويراد به الداخل فِي الجوار ويطلق على المجاور فِي الدار، وعَلَى الساكن مع الإنسان فِي البلد، وعَلَى أربعين دارًا من كل جانب وورد عن النبي صلى الله عليه وسلم:«الجيران ثلاثة جار له حق واحد وهو المشرك له حق الجوار، وجار له حقان وهو المسلم له حق الجوار والإسلام، وجار له ثلاثة حقوق وهو المسلم القريب، له حق الجوار وحق الإسلام وحق الرحم» .
إذا عرفت ذلك فتعلم أن من توفيق الإنسان وسعادته أن يكون فِي بيته يشعر بالعطف واللطف عليه والتقدير له والمحبة له، ومن قلة توفيقه