للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عدو لله ولنفسه وللناس، ويقصر فِي الواجب ويدعي ما لَيْسَ لَهُ ويتشدق فِي الكلام، ويتألق فِي اللباس، وإنه لثقيل فِي حركاته وسكناته، بغيض فِي أمره ونهيه، ومجالسته، ومؤاكلته ومشاربته، والويل كُل الويل لمن صاهره أو شاركه أو ربطته به صلة، لأن داء الكبر يعدي ويسري فتبعد السلامة من المقترب منه رأي بعض أَهْل العلم من يختال فِي مشيته فغمز جنبه، ثُمَّ قال لَيْسَتْ هذه مشية من فِي بطنه خراء، وكيف يتكبر من أوله نطفة مذرة، وآخره جيفة قذرة وَهُوَ مَعَ ذَلِكَ يحمل البول والعذرة، هَذَا أكبر برهان عَلَى أنه دنس جاهل مجهول نكرة ممتلئاً كبراً وإعجاباً بنفسه وسمعة، ورياءً، ولؤماً وشؤماً وشرهاً فهو أشبه شَيْء بالدخان يملأ الفضاء ويتك صدور النَّاس وأصله من القمامَاتَ والأوساخ المبعثرة، نسأل الله أن يقلل هَذَا النوع المنحط وأن يكثر ضده من أَهْل التواضع واللين والعطف والحنان: قال الله تعالى {تِلْكَ الدَّارُ الْآخِرَةُ نَجْعَلُهَا لِلَّذِينَ لَا يُرِيدُونَ عُلُوّاً فِي الْأَرْضِ وَلَا فَسَاداً وَالْعَاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ} اللَّهُمَّ أنظمنا فِي سلك عبادك الأخيار ونجنا بِرَحْمَتِكَ من عذاب النار وأسكنا الْجَنَّة مَعَ أوليائك الأبْرَار وَاغْفِرْ لَنَا وَلِوَالِدَيْنَا وَلِجَمِيعِ المُسْلِمِيْنَ يا أَرْحَمَ الرَّاحِمِينَ وصلي الله عَلَى مُحَمَّد وعَلَى آله وصحبه أجمعين.

(فَصْلٌ)

وللكبر آثار تظهر عَلَى الجوارح كُلّهَا تدور حول ذَلِكَ النظر، فتري المتكبر إن سمح بممشاه مَعَ النَّاس يكون متقدماً عَلَيْهمْ، حريصاً جداً أن يكونوا كلهم خلفه، وتراه إن جلس معهم ورضي أن يكونوا جلساءه، محتفظاً بصدر المجلس مستقلاً به ويسره أن يصغوا إلي كلامه، ويؤلمه كلام غيره وتجده ينتظر من النَّاس أن يتلقوا كلامه بالقبول والتصديق.

شِعْراً: ... وَمُسْتَعْبَدٍ إِخْوَانَهُ بِثَرَائِهِ ... لَبِسْتُ لَهُ كِبْراً أَبَرَّ عَلَى الكِبْرِ

وَقَدْ زَادَنِيْ تِيْهَاً عَلَى مُتَكَبِّرٍ ... أَرَانِيَ أَغْنَى وَإِنْ كُنْتُ ذَا فَقْرِ

<<  <  ج: ص:  >  >>