للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

سَرَى – أَيْ عَظُمَ أَمْرُهُمَا فَقَامَ إِلَيْه ذَلِكَ الرَّجُلَ فَلَطَمَ عَيْنَهُ فَخَطَرَهَا وَالْوَلِيدُ بْن الْمُغِيرَةِ قَرِيبٌ يَرَى مَا بَلَغَ مِنْ عُثْمَانٍ. فَقَالَ: أَمَا وَاللهِ يَا ابْنَ أَخِي إِنْ كَانَتْ عَيْنُكَ عَمَّا أَصَابَهَا لَغَنِيَّةِ! لَقَدْ كُنْتَ فِي ذِمَّةٍ مَنِيعَةٍ. فَقَالَ عُثْمَانٌ: بَلَى وَاللهِ إِنَّ عَيْنِي الصَّحِيحَةُ لَفَقِيرَةٌ إِلَى مَا أَصَابَ أُخْتَهَا فِي اللهِ، وَإِنِّي لَفِي جوَارِ مَنْ هُوَ أَعَزُّ مِنْكَ وَأَقْدَرَ يَا أَبَا عَبْدَ شَمْسٍ. وَقَالَ عُثْمَانُ بْن مَظْعُونٍ فِيمَا أُصِيبَ مِنْ عَيْنِهِ:

شِعْرَاً: ... فَإِنْ تَكُ عَيْنِي فِي رِضَى اللهِ نَالَهَا ... يَدَا مُلْحِدٍ فِي الدِّينِ لَيْسَ بُمُهَتَدِ

فَقَدْ عَوَّضَ الرَّحْمَنُ مَنْهَا ثَوَابُهُ ... وَمَنْ يَرْضَهُ الرَّحْمَنُ يَا قَوْمُ يَسْعَدِ

فَإِنِّي وَقَدْ قُلْتُمْ غَوِيٌّ مُضَلَّلٌ ... سَفِيهٍ عَلَى دِينِ الرَّسُولِ مُحَمَّدِ

أُرِيدُ بِذَاكَ الْحَقَّ وَالْحَقُّ دِينُنَا ... عَلَى رَغْمِ مَنْ يَبْغِي عَلَيْنَا وَيَعْتَدِي

اللَّهُمَّ إِنَّكَ تَعْلَمُ سِرَّنَا وَعَلانِيَّتِنَا وَتَسْمَعُ كَلامَنَا وَتَرَى مَكَانَنَا لا يَخْفَى عَلَيْكَ شَيْء مِنْ أَمْرِنَا نَحْنُ الْبُؤَسَاءِ الْفُقَرَاءِ إِلَيْكَ الْمُسْتَغِيثُونَ الْمُسْتَجِيرُونَ بِكَ نَسْأَلُكَ أَنْ تُقَيِّضَ لِدِينِكِ مَنْ يَنْصُرُهُ وَيَزِيلُ مَا حَدَثَ مِنْ الْبِدَعِ وَالْمُنْكَرَاتِ وَيُقِيمُ عَلَمَ الْجِهَادِ وَيَقْمَعُ أَهْلَ الزَّيْغِ وَالْكُفْرِ وَالْعِنَادِ اللَّهُمَّ أَلْهِمْنَا ذِكْرِكَ وَوَفْقِنَا لِلْقِيَامِ بِحَقِّكَ بَارَكَ لَنَا فِي الْحَلالِ مِنْ رِزْقِكَ وَلا تَفْضَحْنَا بَيْنَ خَلْقِكَ يَا خَيْرَ مَنْ دَعَاهُ دَاعٍ وَأَفْضَلُ مَنْ رَجَاهُ رَاجٍ يَا قَاضِيَ الْحَاجَاتِ وَمُجِيبَ الدَّعَوَاتِ هَبْ لَنَا مَا سَأَلَنَاهُ وَحَقِّقْ رَجَاءَنَا فِيمَا تَمَنَّيْنَاهُ يَا مَنْ يَمْلِكُ حَوَائِج السَّائِلِينَ وَيَعْلَمُ مَا فِي ضَمَائِرِ الصَّامِتِينَ أَذِقْنَا بَرْدَ عَفْوِكَ وَحَلاوَةَ مَغْفِرَتِكَ يَا أَرْحَمَ الرَّاحِمِينَ. وَصَلَّى اللهُ عَلَى مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ أَجْمَعِينَ.

" فَصْلٌ ": أَخْرَجَ ابْنُ سَعَدٍ عَنْ مُحَمَّدٍ الْعَبْدَرِيّ عَنْ أَبِيهِ قَالَ: كَانَ مُصْعَبُ بْن عُمَيْرِ فَتَى مَكَّةَ شَبَابًا وَجَمَالاً وَكَانَ أَبَوَاهُ يُحِبَّانَهُ وَكَانَتْ أُمُّهُ مَلِيئَةً – أَيْ غَنِيَّة كَثِيرةَ الْمَالِ - تَكْسُوهُ أَحْسَنُ مَا يَكُونُ مِنَ الثِّيَابِ، وَأَرَّقَهُ، وَكَانَ أَعْطَرُ أَهْلِ مَكَّةَ، يَلْبِسُ الْحَضْرَمِيُّ مِنَ النِّعَالِ، فَكَانَ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - يَذْكُرُهُ

<<  <  ج: ص:  >  >>