البحر لتخف السَّفِينَة فوقعت القرعة على يونس نَبِيّ اللهِ ثلاث مرات وهم يبخلون به أن يلقى من بينهم.
فتجرد من ثيابه ليلقي نَفْسهُ وهم يأبون عَلَيْهِ ذَلِكَ، وأمر الله تَعَالَى حوتًا من البحر الأخضر أن يشق البحار وأن يلتقم يونس عَلَيْهِ السَّلام، ولا يهشم لَهُ لحمًا ولا يكسر لَهُ عظمًا فَجَاءَ ذَلِكَ الحوت وألقى يونس نَفْسهُ فالتقمه الحوت وذهب به.
ولما استقر يونس فِي بطن الحوت حسب أنه قَدْ مَاتَ، ثُمَّ حرك رأسه ورجليه، وأطرافه، فإذا هُوَ حي فقام فصلى فِي بطن الحوت، وكَانَ من جملة دعائه يَا رب اتخذت لَكَ مَسْجِدًا فِي موضع لم يبلغه أحد من النَّاس، فهَذَا ما لقيه يونس عَلَيْهِ السَّلام، ذكر ذَلِكَ بَعْض الْعُلَمَاء رحمهم الله.
ثُمَّ إِلَى ما لقيه صفوة الخلق مُحَمَّد - صلى الله عليه وسلم - من قومه، من التكذيب والاستهزاء، والإيذاء في نَفْسهُ، وفيمن يتبعه من المستضعفين، حَتَّى ائتمروا على قتله، فهاجر إِلَى الْمَدِينَة تاركًا وطنه وعشيرته، وانظر ما لقيه فِي حروبهم، وقَدْ جرحوه، وكسروا رباعيته حَتَّى سال دمه.
إذا نظرت إِلَى ذَلِكَ وإلى غيره علمت أنَّ الدُّنْيَا مشحونة بالمصائب والانكاد، وأنها دار ممر لا دار مقر، ولو كَانَتْ دار مقر واطمئنان، لكَانَ أولى بذَلِكَ رسل الله، وأنبياؤه، وأصفياؤه فالعاقل من يحرص على عقيدته الدينية كما يحرص على روحه فيحصنها من الزيغ والضلال، ويقوم بما فرض الله عَلَيْهِ، ويجتنب ما نهى الله عَنْهُ صابرًا على ما قدره الله عَلَيْهِ. وَاللهُ أَعْلَمُ وصلى الله على مُحَمَّد وآله وسلم.
" فَصْلٌ "
اعْلَمْ وَفَّقَنَا الله وَإِيَّاكَ وَجَمِيع الْمُسْلِمِين لما يحبه ويرضاه، أن لتسهيل