ويأمرون بالعدل بل مِنْهُمْ من يطلب بنفسه من الأمة أن تحاسبه على كل عمل وتصرف وتقومه فِي كل خطأ قَدْ يصدر مِنْه ما داموا مخلصين يبتغون وجه الله فِي حكمهم وسلطانهم.
فهذا أبو بكر رضي الله عنه خليفة رسول الله صلى الله عليه وسلم يأمر بالعدل يقول عندما استلم الحكم: فإن أحسنت فأعينوني وإن أسأت فقوموني، أطيعوني مَا أطعت الله ورسوله فيكم. ويقول أمير المؤمنين عمر ابن الخطاب رضي الله عنه: من رأى منكم فِيَّ اعوجاجًا فليقومه.
وقال رجل لعمر: اتق الله يا عمر فأجابه أحد الحاضرين بقوله: أتقولون هذا لأمير المؤمنين ولكن عمر نهره بتلك الكلمة وقال: لا خير فيكم إن لَمْ تقولوها ولا خير فينا إن لَمْ نسمعها.
وفي مرة كَانَت جملة من غنائم المسلمين أبراد يمانية فقام عمر رضي الله عنه يقسم هذه الغنائم بالعدل وَقَدْ أصابه مِنْهَا برد كما أصاب ابنه عبد الله مثل ذلك كأي رجل من المسلمين ولما كَانَ عمر بحاجة إِلَى ثوب طويل لأنه طويل الجسم تبرع له ابنه عبد الله ببرده ليصنع منهما ثوبًا يكفيه ثم وقف وعليه هذا الثوب الطويل يخطب فِي الناس فقال بعد أن حمد الله وأثنى على رسوله صلى الله عليه وسلم: أيها الناس اسمعوا وأطيعوا. فوقف له سلمان الفارسي الصحابي المشهور الجليل فقال لعمر: لا سمع لك علينا ولا طاعة.
فقال عمر رضي الله عنه: ولم؟ قال سلمان: من أين لك هذا الثوب، وَقَدْ نالك برد واحد وأنت رجل طويل فقال: لا تعجل ونادى ابنه عبد الله فقال: لبيك يا أمير المؤمنين. قال: ناشدتك الله البرد الذي اتزرت له اهو رداؤك؟ فقال: اللهم نعم. قال سلمان: الآن مر نسمع ونطيع.