وعن سلمان الفارسى أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قَالَ:«إن المسلم إِذَا لقى أخاه المسلم فأخذ بيده تحاتت عنهما ذنوبهما كما تحات الورق عَنْ الشجرة اليابسة فِي يوم ريح عاصف وإلا غفر لهما ذنوبهما ولو كانت مثل زبد البحار» .
وقَالَ أبو عمرو الأوزعي حدثني عبدة بن لبابة عَنْ مجاهد ولقيته فأخذ بيدي فقَالَ: إِذَا التقا المتحابان فِي الله فأخذ أحدهما بيد صاحبه وضحك إليه تحاتت خطاياهم كما تحات ورق الشجر. قَالَ عبدة: فَقُلْتُ لَهُ: هَذَا يسير؟ فقَالَ: لا تقل ذَلِكَ فَإِنَّ الله يَقُولُ: {لَوْ أَنفَقْتَ مَا فِي الأَرْضِ جَمِيعاً مَّا أَلَّفَتْ بَيْنَ قُلُوبِهِمْ} . قَالَ عبدة: فعرفت أنه أفقه مني.
يا من يرجى الثواب بغير عمل ويرجى التوبة بطول الأمل تَقُول فِي الدُّنْيَا قول الزاهدين وتعمل فيها عمل الراغبين لا بقليل مَنْهَا تقنع، ولا بكثير مَنْهَا تشبع تكره الموت لأجل ذنوبك وتقيم على ما تكره الموت لَهُ من عيوبك.
تغلبك نفسك على ما تظن ولا تغلبها على ما تستقين، ما تثق من الرزق بما ضمن لَكَ، ولا تعمل من الْعَمَل ما فرض عَلَيْكَ وتستكثر من معصية غيرك ما تحتقره من نفسك.
أما تعلم إِنَّ الدُّنْيَا كالحية لين ملمسها والسم الناقع فِي جوفها يهوى ألبها.