الجحيم، فيرون أنه لا يعذب في النار غيرهم، ثُمَّ تلا ابن مسعود {لَهُمْ فِيهَا زَفِيرٌ وَهُمْ فِيهَا لَا يَسْمَعُونَ} ، وَقَالَ تَعَالَى:{وَرَأَى الْمُجْرِمُونَ النَّارَ فَظَنُّوا أَنَّهُم مُّوَاقِعُوهَا وَلَمْ يَجِدُوا عَنْهَا مَصْرِفاً} .
وعن أبي سعيد الخدري عن رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال:«إن الكافر ليرى جهنم فيظن أنها مواقعته من مسيرة أربعمائة سنة» . ليكون ذَلِكَ من باب تعجيل الهم والحزن لَهُمْ، فإن توقع الْعَذَاب والخوف منه قبل وقوعه عذاب ناجز، وَقَالَ تَعَالَى:{إِذَا أُلْقُوا فِيهَا سَمِعُوا لَهَا شَهِيقاً وَهِيَ تَفُورُ * تَكَادُ تَمَيَّزُ مِنَ الْغَيْظِ كُلَّما أُلْقِيَ فِيهَا فَوْجٌ سَأَلَهُمْ خَزَنَتُهَا أَلَمْ يَأْتِكُمْ نَذِيرٌ} الآيات، أي يكاد بعضها ينفصل عن بعض من شدة غيظها عَلَيْهمْ، وحنقها بِهُمْ، وبعد قذفهم بها تغلي بِهُمْ، كما يغلي الحب القليل في الماء الكثير، قاله الْعُلَمَاء.
واعْلَمْ أن أول من تسعر بِهُمْ جهنم من ذكروا في ما ورد عن أَبِي هُرَيْرَةِ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قال: الله رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إن أول ناس يقضى بينهم يوم القيامة رجل استشهد فأتى به فعرفه نعمه فعرفها، قال: فما عملت فيها؟ قال: قاتلت فيك حتى استشهدت، قال: كذبت، ولكنك قاتلت لأن يُقَالُ جريء، فقَدْ قيل، ثُمَّ أمر به فسحب على وجهه، ثُمَّ ألقى في النار ورجل تعلم العلم وعلمه، وقَرَأَ القرآن، فأتى به فعرفه نعمه فعرفها، قال: فما عملت فيها؟ قال: تعلمت العلم وعلمته، وقرأت فيك القرآن، قال: كذبت، ولكنك تعلمت العلم ليُقَالُ عَالِم، وقرأت القرآن ليُقَالُ هُوَ قارئ، فقَدْ قيل، ثُمَّ أمر به فسحب على وجهه حتى ألقي في النار، ورجل وسع الله عَلَيْهِ وأعطاه من أصناف الْمَال كله فأتى به فعرفه نعمه فعرفها، قال: فما عملت فيها؟ قال: ما تركت من سبيل تحب أن ينفق فيها إِلا أنفقت فيها لك، قال