أَوْ عَامًا مِنْ أَمْرِ الدِّينِ فَلَهُ مَا بَيْنَ مَائَةِ دِينَار إِلى ثَلاثِمائَةِ دِينَارٍ بِقَدْرٍ مَا يَرِي مِنْ الْحُسْبَةِ وَبُعْدِ السَّفَرِ لَعَلَّ اللهَ يُحْيِي بِهِ حَقًّا أَوْ يُمِيتُ بِهِ بَاطِلاً أَوْ يَفْتَحَ بِهِ مِنْ وَرَائِهِ خَيْرًا وَلَوْلا أَنِّي أُطِيلُ عَلَيْكُم وَأَطْنِبُ فَيَشْغَلُكُمْ ذَلِكَ عَنْ مَنَاسِكَكُمْ لَسَمَّيْتُ أُمُورًا مِنَ الْحَقِّ أَظْهَرَهَا اللهُ وَأُمُورًا مِنَ الْبَاطِلِ أَمَاتَهَا اللهُ وَكَانَ اللهُ هُو الْمُتَوَحِّدُ لَكَمْ فِي ذَلِكَ لا تَجِدُونَ غَيْرَهُ فَإِنَّهُ لَوْ وَكَلَنِي إِلى نَفْسِي لَكُنْتُ كَغَيْرِي وَالسَّلامُ.
وَكَتَبَ مَرَّةً إِلى الْحَسَنِ الْبَصْرِيّ وَمُطَرِّفَ بنِ الشَّخِّيرِ: مِنْ عُمَرَ بنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ إِلى الْحَسَنِ الْبَصْرِيّ وَمُطَرِّفِ بنِ عَبْدِ اللهِ ابنِ الشَّخِّيرِ سَلامُ علَيْكُمَا فَإِنِّي أَحْمَدُ إِلَيْكُمَا اللهُ الَّذِي لا إِلَهَ إِلا هُوَ وَأَسْأَلهُ أَنْ يُصَلِّي عَلَى مُحَمَّدٍ عَبْدِه وَرَسُولِهِ أَمَّا بَعْدُ فَإِنِّي أُوصِيكُمَا بِتَقْوَى اللهِ فَإِنَّ مَنْ يَقُولُهَا كَثِيرٌ وَمَنْ يَعْمَلُ بِهَا قَلِيلٌ فَإِذَا أَتَاكُمَا كِتَابِي فَعِظَانِي وَلا تُزَكِّيَانِ وَالسَّلامُ.
فَكَتَبَ إِلَيْهِ الْحَسَنُ: إِلى عُمَرَ سَلامٌ عَلَيْكَ فَإِنِّي أَحْمَدُ إِلَيْكَ اللهَ الَّذِي لا إِلَهَ إِلا هُوَ أَمَّا بَعْدُ فَإِنَّ الدُّنْيَا دَارُ مخوفَةٍ أُهْبَطَ إِلَيْهَا آدَمُ عَلَيْهِ السَّلامِ عُقُوبَةً تُهينُ مِنْ أَكْرَمَهَا وَتُكْرِمُ مَنْ أَهَانَهَا وَتُفْقِرُ مَنْ جَمَعَ لَهَا لَها فِي كُلِّ يَوْمٍ قَتِيلٌ فَكُنْ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ كَالْمُدَاوِي لِجرْحِهِ وَاصْبِرْ عَلَى شِدَّةِ الدَّوَاءِ لِمَا تَخَافُ مِنْ طُولِ الْبَلاءِ.
وَكَتَبَ إِلَيْهُ مُطَرِّفُ: سَلامٌ عَلَيْكَ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ وَرَحْمَةُ اللهِ وَبَرَكَاتِهِ فَإِنِّي أَحْمَدُ إِلَيْكَ اللهَ الَّذِي لا إِلَهَ إِلا هُوَ أَمَّا بَعْدُ فَلْيَكُنْ اسْتِئْنَاسُكَ بِاللهِ وَانْقِطَاعُكَ إِلَيْهِ فَإِنَّ قَوْمًا أَنِسُوا بِاللهِ وَانْقَطَعُوا إِلَيْهِ فِي وَحْدَتِهِمْ أَشَدُّ اسْتِئْنَاسًا مِنْهُمْ بِالنَّاسِ فِي كُثْرَةَ ِعدَدِهِمْ، أَماَتوُا مِن الدُّنْيَا مَا خَافُوا أَنْ يُمِيتَ قُلُوبَهُمْ وَتَرَكُوا مِنْهَا مَا عَلِمُوا أَنْ سَيَتْرُكَهُمْ فَأَصْبَحُوا لِمَا سَالَمَ النَّاسُ مِنْهَا أَعْدَاءً جَعَلَنَا اللهُ وَإِيَّاكَ مِنْهُمْ، فَإِنَّهُمْ قَدْ أَصْبَحُوا بِهَا قَلِيلاًً وَالسَّلامُ.
وَقَدِمَتْ امْرَأَةٌ مِن الْعِرَاقِ عَلَى عَهْدِ عُمَرَ بنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ. فَلَمَّا صَارَتْ إِلى بَابِهِ قَالَتْ: هَلْ عَلَى أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ حَاجِبٌ؟ فَقَالَوا: لا فَادْخُلِي إِنْ شِئْتِ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute