للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إِلى قَوْلِهِ: {فَإِن يَتُوبُواْ يَكُ خَيْراً لَّهُمْ وَإِن يَتَوَلَّوْا يُعَذِّبْهُمُ اللهُ عَذَاباً أَلِيماً فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ} .

فَارْتَعَدَ الْجُلاسُ مِنْ هَوْلِ مَا سَمِعَ وَكَادَ يَنْعَقِدُ لِسَانَهُ مِنْ الْجَزَعِ وَالرَّوْعَةِ، ثُمَّ الْتَفَتَ إِلى رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَقَالَ: بَلْ أَتُوبُ يَا رَسُولَ اللهِ بَلْ أَتُوبُ، صَدَقَ عُمَيْرٌ يَا رَسُولَ اللهِ وَكُنْتُ مِنْ الْكَاذِبِينَ، أَسْأَلُ اللهَ أَنْ يَقْبَلَ تَوْبَتِي جُعِلْتَ فِدَاكَ يَا رَسُولَ اللهِ.

وَهُنَا تَوَجَّهَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلى عُمَيْرِ بنِ سَعْدٍ فَمَدَّ يَدَهُ الشَّرِيفَةُ إِلى أُذُنِهِ وَأَمْسَكَهَا بِرِفْقٍ وَقَالَ: ((وَفَّتْ أُذُنُكَ يَا غُلامُ مَا سَمِعَتْ، وَصَدَّقَكَ رَبُّكَ)) .

لَيْسَ السَّفِيهُ مَنْ انْتَهَى أَبَوَاهُ مِنْ ... هَمِ الْحَيَاةِ وَخَلَّفَاهُ ذَلِيلاَ

فَأَصَابَ تَوْفِيقًا وَحُسْنَ رِعَايَةٍ ... مِنْ رَبِّهِ يَا حُسْنَ هَذَا بَدِيلاَ

إِنَّ السَّفِيهَ هُوَ الذِي أَوْقَاتُهُ ... عِنْدَ الْمَلاهِي قُتِّلَتْ تَقْتِيلاَ

اللَّهُمَّ اغْفِرْ لَنَا وَلِوَالِدَيْنَا وَجَمِيعِ المُسْلِمِينَ بِرَحْمَتِكَ يَا أَرْحَمَ الرَّاحِمِينَ، وَصَلَّى اللهُ عَلَى مُحَمَّدٍ وَعَلَى آَلِهِ وَصَحْبِهِ أَجْمَعِينَ.

فَصْلٌ

قِصَّةً لِعُمَيْر: كَانَ أَهْلُ حَمْصٍ شَدِيدِي التَّذَمُّرِ مِنْ وُلاتِهمْ كَثِيرِي الشَّكْوَى مِنْهُمْ، فَمَا جَاءَ مِنْ وَالٍ إِلا ذَكَرُوا لَهُ عُيوبًا وَأَحْصُوا لَهُ ذُنُوبًا وَرَفَعُوا أَمْرَهُ إِلى خَلِيفَةِ الْمُسْلِمِينَ وَطَلَبُوا مِنْهُ بَدَلَهُ خَيْرًا مِنْهُ.

فَعَزَمَ عُمَرُ بنُ الْخَطَّابِ أَنْ يَبْعَثَ إِلَيْهِمْ بِوَالٍ لا يَجِدُونَ فِيهِ مطْعَنًا وَلا يَرَوْنَ فِي سِيرَتِهِ مَغْمَزًا فَاخْتَارَ عُمَيْرَ بنَ سَعْدٍ وَعَهِدَ إِلَيْهِ بِوِلايَةِ حِمْصٍ وَأَمْرَهُ بِالتَّوَجُّهِ إِلَيْهَا فَقَبِلَ الأَمْرَ عَلَى إِغْمَاضٍ مِنْهُ لأَنَّهُ كَانَ لا يُؤْثِرُ شَيْئًا عَلَى الْجِهَادِ فِي سَبِيلِ اللهِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>