فهذه وسائل الشيطان ومداخله إلي الْقَلْب وهي كثيرة، وفيما ذكرناه تنبيه عَلَى ما ورائها.
وبالجملة فلَيْسَ فِي الآدمي صفة مذمومة إلا وهي سلاح للشيطان ومدخل من مداخله.
التقرير الثاني: فِي بيان العلاج فِي دفعها وإزالتها، اعْلم أن علاج هذه الأمور وإزالتها إنما يكون بالدُّعَاء إلي الله والالتجَاءَ إليه فِي دفعها وإزالتها، وبالاجتهاد فِي قلع هذه الصفات المذمومة عن الْقَلْب، والعناية فِي ذكر الله عَزَّ وَجَلَّ، فهذه دوافع ثلاثة نذكرها.
الدافع الأول: يكون باللجَاء إلي الله بالدُّعَاء راجياً منه تحصيل الألطاف الخفية فِي إبعاد الشياطين وإزالتهم، وعن عبد الرحمن بن أبي ليلي، قال: كَانَ الشيطان يأتي الرَّسُول ? وبيده شعلة نار فيقوم بين يديه وَهُوَ يصلي فيقَرَأَ ويتعوذ فلا يذهب.
فأتي جبريل عَلَيْهِ السَّلام إلي النَّبِيّ ? فَقَالَ لَهُ ?: قل أعوذ بكلمَاتِ الله التامَاتِ التي لا يجاوزهن بر ولا فاجر من شر ما يلج فِي الأرض وما يخرج منها وما ينزل من السماء وما يعرج فيها.
ومن شر فتن الليل والنَّهَار وطوارق الليل والنَّهَار إلا طارقاً يطرق بخَيْر يا رحمن، فطفيت شعلته وخر وجهه.
وعن الحسن البصري أنه قال: نبئت أن جبريل أتي إلي رسول الله ?، فَقَالَ: إن عفريتاً من الجن يكيدك فإِذَا أويت إلي فراشك فاقَرَأَ آية الكرسي.
وعن الرَّسُول ? أنه قال: أتاني شيطان فنازعني ثُمَّ نازعَني فأخذت بحلقه والَّذِي بعثني بالحق ما أرسلته حتي وجدت برد لِسَانه عَلَى يدي، ولولا دعوة أخي سليمان لأصبح طريحاً حتي تنظروا إليه.