ومن حكم بشَيْء عَلَى غيره بالظن فإن الشيطان يبعثه عَلَى أن يطول فِيه اللسان بالغيبة فيهلك، أو يقصر فِي القيام بحقوقه أو يتواني فِي إكرامه أو ينظره بعين الاحتقار أو يري نَفْسهُ خيراً منه.
وكل ذَلِكَ من المهلكات، فمهما رَأَيْت إنسانَاً يسيء الظن بِالنَّاسِ طالباً لعيوبهم فاعْلم أنه خبيث فِي الباطن، فإن المُؤْمِن يطلب المعاذير، والمنافق يطلب العيوب للخلق.
الوسيلة التاسعة: الشبع من الطعام والتأنق فِي المآكل الفاخرة، فإن الشبع يقوي الشهوات وهي أسلحة الشيطان التي بِهَا يصول.
وروي أن إبلَيْسَ ظهر يوماً ليحيي بن زكريا عَلَيْهِ السَّلام فرأي عَلَيْهِ معاليق من كُلّ شَيْء، فَقَالَ لَهُ يحيي عَلَيْهِ السَّلام: ما هذه المعاليق.
فَقَالَ: هذه هِيَ الشهوات التي أصيب بِهَا بني آدم، فَقَالَ: هل لي منها شَيْء؟ فَقَالَ: ربما شبعت فتثاقلت عن الصَّلاة وعن الذكر.
فَقَالَ: هل غَيْرَ ذلك؟ قال: لا، فَقَالَ يحيي: لله عَلَىَّ أن لا أملأ بطني، فَقَالَ إبلَيْس: عَلَى لله لا أنصح مسلماً.
الوسيلة العاشرة: تعاطي العوام الَّذِينَ لم يمارسوا العلوم ولم يتبحروا فيها بالتفكير فِي ذات الله عَزَّ وَجَلَّ وصفاته وفِي الأمور التي لا تبلغها عقولهم حتي يؤدي ذَلِكَ إلي الاعتقادات الكفرية وهم لا يشعرون.
وهم فِي غاية ما يكونون من الفرح والسرور والاطمئنان إلي ما وقع فِي صدورهم.
وهم فِي غاية الخطأ ويظنون أن ما اعتقدوه هُوَ العلم والبصيرة، فما هَذَا حاله يكون من أعظم الأبواب للشيطان فِي اللعب بعقولهم وإيقاعهم فِي الأمور المكروهة.