للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

راج، يا قاضي الحاجات ومجيب الدعوات هب لنا ماسألناه وحقق رجاءنا فيما تمنيناه يا من يملك حوائج السائلين ويعلم ما في صدور الصامتين أذقنا برد عفوك وحلاوة مغفرتك وَاْغِفرْ لَنَا وَلِوَالِدَيْنَا وَلِجَمِيعِ المُسْلِمِينَ الأَحْيَاءِ مِنْهُمْ وَالْمَيِّتِينَ بِرَحْمَتِكَ يَا أَرْحَمَ الرَّاحِمِينَ، وَصَلَّى اللهُ عَلَى مُحَمَّد وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ أَجْمَعِينَ.

(فَصْلٌ) وَقَالَ الإمام ابن حزم: رهان ضروري لمن تدبره حسي لا محيد عنه وهو أن النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أتى إلى قوم لقاح لا يطيعون لأحد ولا ينقادون لرئيس نشأ هذا آباؤهم وأجدادهم وأسلافهم منذ ألوف منذ ألوف من الأعوام قد سرى الفخر والعز والنخوة والكبر والظلم والأنفة في طباعهم وهم أعداد عظيمة ملأوا جزيرة العرب وهي نحو شهرين في شهرين قد صارت طباعهم طباع السباع وهم ألوف الألوف قبائل وعشائر يتعصب بعضهم لبعض أبداً فدعاهم بلا مالٍ ولا أتباع – بل خذله قومه إلى أن ينحطوا من ذلك العز إلى غرم الزكاة.

ومن الحرية والظلم إلى جزي الأحكام عليهم ومن طول الأيدي يقتل من أحبوا وأخذ مال من أحبوا إلى القصاص من النفس ومن قطع الأعظاء ومن اللطمة من أجل من فيهم لأقل علج فغريب دخل فيهم وإلى إسقاط الأنفة والفخر إلى ضرب الظهور بالسياط وبالنعال إن شربوا خمراً أو قذفوا إنساناً.

وإلى الضرب بالسوط والرجم بالحجارة إلى أن يموتوا إن زنوا فانقاد أكثرهم لكل ذلك طوعًا بلا طمع ولا غليبة ولا خوف ما منهم أحد أخذ بغلبة إلا مكة وخيبر فقط وما غزا قط غزوة يقاتل فيها إلا تسع غزوات بعضها له. فصح ضرورة أنهم إنما آمنوا طوعاً لا كرهاً.

<<  <  ج: ص:  >  >>