للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وبعد أن وصف نساءهم وصف جَلَّ وَعَلا حديثهم حينئذٍ فَقَالَ: {لَا يَسْمَعُونَ فِيهَا لَغْواً وَلَا تَأْثِيماً * إِلَّا قِيلاً سَلَاماً سَلَاماً} ، أي: لا يسمعون في الْجَنَّة اللغو أي الهراء من الْحَدِيث، ولا هجر القول، ما تتقزز منه النُّفُوس الراقية، ذات الأَخْلاق العالية ولا يسمعون كلامًا يؤثم صاحبه، ولكن يسمعون أطيب الكلام وَهُوَ التسليم من بَعْضهمْ على بعض، وَذَلِكَ أنها دار الطيبين، ولا يكون فيها إِلا كُلّ طيب، وهَذَا دَلِيل على حسن أدب أَهْل الْجَنَّة في خطابهم فيما بينهم، وأنه أطيب السَّلام، وسامي الكلام، مِمَّا يستساغ، كما قال تَعَالَى: {وَتَحِيَّتُهُمْ فِيهَا سَلاَمٌ وَآخِرُ دَعْوَاهُمْ أَنِ الْحَمْدُ لِلّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ} .

ثُمَّ بعد أن ذكر حال السابقين وبين مالهم من نعيم مقيم في جنات النَّعِيم، أردف ذَلِكَ بذكر أصحاب اليمين فَقَالَ: {وَأَصْحَابُ اليمين مَا أَصْحَابُ اليمين * فِي سِدْرٍ مَّخْضُودٍ * وَطَلْحٍ مَّنضُودٍ * وَظِلّ مَّمْدُودٍ * وَمَاء مَّسْكُوبٍ * وَفَاكِهَةٍ كَثِيرَةٍ * لَّا مَقْطُوعَةٍ وَلَا مَمْنُوعَةٍ * وَفُرُشٍ مَّرْفُوعَةٍ * إِنَّا أَنشَأْنَاهُنَّ إِنشَاء * فَجَعَلْنَاهُنَّ أَبْكَاراً * عُرُباً أَتْرَاباً * لِّأَصْحَابِ اليمين} . ففيها كُلّ ما تشتهيه النُّفُوس، وتلذ الأعين به، من مطاعم ومشارب، وملابس ومناكح، ومناظر حسنة، ويرى فيها الأشجار الملتفة، والمباني المزخرفة، ويرى فيها الرياض المعجبة، والطيور المطربة المشجية، ما يأخذ بالقُلُوب، ويسر النُّفُوس ويفرحها، وتجد الواحد عنده من الزوجات اللآتي في غاية الجمال، الجامعات لجمال الظاهر والباطن، اللآتي قال الله عنهم: {فِيهِنَّ خَيْرَاتٌ حِسَانٌ} ما يملأ الْقَلْب سرورًا ولذة وفرحًا، وعنده

<<  <  ج: ص:  >  >>