للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

على بلائك والشكر لنعمائك، واغفر لنا ولوالدينا ولجميع المسلمين الأحياء منهم واليتين برحمتك يا أرحم الراحمين وصلى الله على محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

(فَصْلٌ)

اعلم وفقنا الله وإياك وجميع المسلمين لما يحبه ويرضاه أن من أراد لحاق القوم المجتهدين المشمرين عن ساق للآخرة ممن تقدم ذكرهم، أن عليه أن ينبذ الكسل والعجز والتواني والتهالك في طلب الدنيا ويجد ويجتهد سالكًا طريق المجتهدين العارفين قيمة الوقت والعمر.

شِعْرًا: ... كَأَنَّكَ لَمْ تُسْبَقُ مِنَ الدَّهْرِ لَيْلَةً ... إِذَا أَنْتَ أَدْرَكْتَ الَّذِي أَنْتَ تَطْلُبُ

آخر: ... أَسْرِعْ أَخَا الْعِلْمِ فِي ثَلاثْ ... الأَكْلُ وَالْمَشْي وَالْكِتَابَةْ

آخر: ... وَسَاهِرَ اللَّيْلَ فِي الْحَاجَاتِ نَائِمُهُ ... وَوَاهِبُ الْمَالِ عِنْدَ الْمَجْدِ كَاسِبُهُ

وذكر أحد العلماء علاج الكسل وهو سهل لمن وفقه الله فقال: هو تحريك الهمة بخوف فوات القصد، وبالوقوع في اللوم، أو التأسف، فإن أسف المفرط إذا عاين أجر المجتهد أعظم من كل عقاب، وليفكر العاقل في سوء مغبة الكسل والعجز، والاشتغال بالدنيا عن الآخرة فرب راحة أوجبت حسرات وندمًا، فمن رأى زميله اجتهد وثابر على دروسه ونجح زادت حسرته وأسفه، ومن رأى جاره قد سافر ورجع بالأرباح والفوائد زادت حسرة أسفه وندامته على لذة كسله وعجزه.

قال: وقد أجمع الحكماء على أن الحكمة لا تدرك بالراحة فمن تلمح ثمرة الكسل أجتنبه ومن مد فطنته إلى ثمرات الجد والاجتهاد نسى مشاق الطريق، ثم إن اللبيب الذكي يعلم أنه لم يخلق عبثًا وإنما هو في الدنيا كالأجير أو كالتاجر، ثم إن زمان العمل بالإضافة إلى مدة البقاء في القبر كلحظة، ثم إن إضافة ذلك إلى البقاء السرمدي إما في الجنة وإما في النار ليس يشيء.

<<  <  ج: ص:  >  >>